كثير من رجال الأعمال المصريين لا يخافون على بلدهم نصف خوفهم على مشروعاتهم ومصالحهم، ولا يراعون أمن بلدهم واستقراره نصف مراعاتهم لأمن واستقرار مشروعاتهم، يمارسون كل ما يروق لهم من نزق، ويتاجرون بدولتهم وعليها دون أن يبالوا، بينما لو اقترب أحد من مصالحهم الشخصية، قامت قيامته واشتعل غضبهم وانهالوا عليه باللعنات، يتحرشون بالدولة ويزايدون عليها وينخرون فيها كالسوس بأفعالهم، وإذا اقتربت منهم مؤسسة فى الدولة من أجل حق الدولة أقاموا الدنيا وعاشوا فى دور المغلوبين على أمرهم والمضطهدين، بل وبعضهم يحترف المزايدة وادعاء المظلومية التى تعلمها بقربه لفترات من الإخوان، وعدد من هؤلاء نعرفهم جيدا ونعرف كم يزايدون وكم يقاتلون بكل السبل من أجل التهرب من سداد حق الدولة المعلوم .
الغريب أنه لو فتحت ملفات كثير من هؤلاء ومواقفهم من دعم الدولة والتهرب من مساندتها لكانت فضائحهم بجلاجل أمام المصريين، ورغم ذلك تفضل مؤسسات الدولة الستر لهؤلاء بل والتعامل معهم بروح القانون بعيدا عن "الشو" الإعلامى بهدف عدم الإساءة للاستثمار وعدم خلق حالة عداء ضدهم من الشعب، فالدولة لا تعمل بمنطق الانتقامية، كما أننا فى مرحلة بناء تحتاج الكثير من الهدوء، لكن يبدو أنه فعلا "خير تعمل شر تلقى" فالدولة تعمل الخير من أجل المصلحة العامة، ولا تجد من هؤلاء الطماعين المتربحين على حساب الوطن غير كل الشر والتحرش بالدولة والذى يصل إلى حد استخدام أذرعهم الإعلامية والصحفية للانتقام والتشوية والابتزاز لتحصين أنفسهم من الإجراءات القانونية المستحقة ضدهم.
قد تكون بعض التصرفات الصحفية والإعلامية الخاصة بحسن نية أو نتيجة أخطاء مهنية مقبولة، لا ننكر ذلك بل نعترف به، كما قد تكون بعض التصرفات داخلة فعلا تحت مبدأ النقد المباح والمعارضة الوطنية الإيجابية، وهذا أيضا لا يمكن الاعتراض عليه، فحرية الرأى مطلوب العض عليها بالنواجز من أجل مصلحة الدولة، لكن البعض الآخر من هذه التصرفات يقع عن قصد وهدفه الحقيقى المفضوح هو جرح الدولة أو ملاعبتها، وهذا هو المرفوض جملة وتفصيلا، مثلما نرفض لعبة التلوين السياسى من بعض الصحف للأخبار والأحداث السياسية والتى تتم لحاجة فى نفس ملاك هذه الصحف والوسائل الإعلامية من رجال أعمال.
تملك الدولة بالتأكيد قطع هذه الأذرع بالقانون الذى لا يحميهم أبدا، لكنها تعزف عن هذا ترفعا عن الصغائر.
إذا المطلوب من هؤلاء أن "يختشوا" على دمهم، وأن يستشعروا حالة الوطن التى تحتاج الترفع عن الأطماع الخاصة ولو لبعض الوقت حتى تستقر الأوضاع وتستعيد الدولة كامل قوتها ، وأن يكونوا بجانب بلدهم بالأفعال وليس بالكلام أو الشعارات، ساعتها ستكون صحفهم موضوعية محترمة يقرأها الناس بحب واطمئنان لأنها ستكون صحف وطن، صحف بناء وليست صحف "ديابة" عاقرة .