هاتف ريهام

الألعاب النارية تضىء السماء.. يتلألأ كل شىء من حولها.. يتراقص قلبى فرحة باحتفالات السنة الجديدة فى كل مكان أنوى النزول إلى الشارع لأكون قريبًا من البهجة.. قريبًا من كل الأحداث.. كم تنتابنى حالة من الجنون من حين إلى آخر ترتفع درجتها فى حالة السعادة، وأنا اليوم فى منتهى السعادة.. لا أعرف لماذا؟! بلا سبب!! لحظات الجنون فى حد ذاتها تمنحنى حالة من النشوة.. أشعر وقتها برغبة فى الرقص عاريًا.. وتبادل النكات البذيئة.. الإمساك بخرطوم المطافئ المملوء بالمياه ورش كل من حولى حتى يغرقوا فى ملابسهم المبتلة.. من منا لا يحب لحظات الجنون بلا رادع.. مجرد جنون بلا هدف هل جربت أن تسير فى شارع مظلم وتظل تصرخ بكل قوتك.. وأنت تجرى لا أظن أننا نستطيع الانسياق وراء أحلامنا الجنونية فهى ستظل مجرد أحلام لا تخرج إلى حيز الفعل مهما حدث!! عدت إلى المحل الذى أعمل فيه لكى أنهى بقية عملى جارًا معى أذيالى الطويلة وخيبتى الثقيلة حاولت ترك حواسى ومشاعرى للاستمتاع بلحظات البهجة القليلة لكننى لمحت كومة الهواتف تنادينى لكى أفتحها وأسهر على إصلاحها.. فلا مفر من العودة إلى دوامة العمل والشقا بلا أى لذة ولا متعة تذكر.. قررت التمرد على حالة الزهق والملل بعمل كوب من الشاى الصعيدى سكر كثير.. ليهون على الوقت.. وقعت عينى على أحد الهواتف.. غطاؤه يبدو كله أنوثة.. تفوح من ألوانه المتوهجة حرارة توحى بأن صاحبة هذا المحمول فتاة فائقة الجمال أو سيدة فاتنة نظرت إلى الاسم الملصق على المحمول فنحن عادة ما نكتب اسم صاحب التليفون حتى لا ننسى!! اسمها ريهام.. كم يعجبنى هذا الاسم وأتخيلها وهى تنطقه بعذوبة ودلال تضم شفتيها لتأخذنى فى عالم آخر تكون هى بطلته بمفردها وأنا المتيم الولهان؟؟ تملكنى الفضول لكى أتعرف عليها؟؟ تستطيع أن تعرف شخصية المرأة من هاتفها المحمول فهو ذلك العالم المغلق الذى تدور فى فلكه كل امرأة بلاقيود ولا خوف، ورغم أنه لا يعد سوى مجرد آلة إلا أنها آلة من نوع خاص تستطيع أن تتحدث إليها تشكو حزنك وألمك.. تلتقط أفراحك فى صور معبرة.. تبوح لها بأسرار جمة لا تعترف بها لأحد.. تدخل من خلالها إلى عوالم شتى لا حدود لها.. لا أحد يعرف شيئًا مما تفعل؟؟ إلا أنت.. أدركت منذ دخولى على شاشة هاتف ريهام أن عددًا من الفيروسات قد أصابته فى مقتل فقدت على أثره كل ما تملكه من أرقام محفوظة وصور مرصوصة وفيديوهات مخزنة تحكى ذكرياتها الجميلة..هذا بخلاف الكسر المفجع للشاشة التى تلمسها أصابع ريهام كل يوم، وتتأملها بعينيها الجميلتين.. لابد وأن تكون عينيها جميلة فهذه الرجفة التى تمتلك جسدى كلما تخيلت نفسى وأنا أعطيها الهاتف وأنظر فى عينيها بعد أن أكون قد طفت بعينى وقلبى داخل عرينها الخاص جدا الذى لا يراه سواها وأصبحت أنا شريكا لها.. أستغرب نفسى كيف لى نسيان صاحبة هذا الهاتف!! ربما جاءت فى يوم إجازتى واستقبلها أحد العمال أو حتى صاحب المحل، فعدد السيدات والفتيات اللائى يأتين للمحل كثيرات.. أقبلت على إصلاحه بنهم واجتهاد حتى إذا ما ضغطت على زر التشغيل ستأتينى صورتها التى تزين الشاشة السوداء ذات الغطاء الأحمر المتوهج وكما توقعت صورتها تقف متحدية كل فضول قد أصابنى.. تبدو كنجمات السينما.. لا أصدق نفسى!! متى جاء هذا الجمال إلى المحل؟؟ وأين كنت عندما جاءت؟ نظفت المحمول من كل فيروساته وأمراضه واستعاد عافيته كانت لهفتى شديدة فاقت حدود عقلى حتى كدت أن أصاب بلوثة فقد قلبت فى صور المحمول فإذا بعالم من الصور التى لا يخطر على بشر.. من جمالها.. فى أماكن عامة وحجرات نوم خاصة.. لم تكن صور لها وحدها ولكنها صور وذكريات مع صديقات وأصدقاء.. لاحظت أنها تمتلك كمية ضخمة من الصور والفيديوهات التى بدت لى فائقة الجودة.. لابد وأن محترفا قد التقطها واحتفظ بها.. وكل ما رأيته من الفيديوهات كان صادما لى ففيه من الأباحية ما أفقدنى صوابى وقتها شككت أن هذه السيدة تدير شبكة للآداب.. أخذت أقلب حتى رأيت صورتها بين الصور.. كذبت عينى..فركتهما قلبت فى مزيد من الصور والفيديوهات بسرعة وغضب وكلما رأيت صورها ازدادت ضربات قلبى تسارعا.. جحظت عيناى حتى كادت أن تخرج من مكانهما.. أتكون حبيبتى على علاقة بريهام؟؟ ولا تعرف أنها تصورها فى أوضاع مخلة بدون علمها.. من هى ريهام؟ لم تحدثنى عنها حبيبتى من قبل الغريب أن هناك صورا تجمعها برجال لا أعرفهم فليسوا من عائلاتها اتصلت بمدير المحل لكى أسأله عن هاتف ريهام.. كيف أجدها؟ بدا لى أن صاحب المحل لا يعرف عن أى محمول أتحدث؟! ما رأيته فى هذا الهاتف جعلنى أتخذ قرار الانفصال عن حبيبتى بدون إبداء أسباب، وقمت بمحو وإتلاف كل مافيه من صور وفيديوهات لم أنم ليلتها وانتظرت وصول بقيه العاملين بالمحل وسألت كل واحد منهم عن مدام ريهام وهاتفها المحمول فلم أجد من يعرفها أو رأى ذلك الهاتف من قبل.. انتظرتها يوما وأياما فلم تأت.. وفجأة اختفى هاتف ريهام بحثت عنه فى كل مكان فلم أجده.. ساورنى الشك فى الجميع حتى صاحب المحل!! فى صباح أحد الأيام اقتحمت الشرطة المحل ودخلت لتفتشه فى حجرة صاحب المحل وجدت عشرات الهواتف التى يدير من خلالها شبكة للدعارة ويبتز كثيرات من النساء والفتيات بصور وفيديوهات غير حقيقية ومفبركة؟! رغم أننى ندمت لعملى فى هذا المحل المشبوه.. لكننى لم أندم يوما أنى تركت صنعتى الوحيدة التى أعرفها..



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;