يجذبنى فى وزارة التضامن تبنيها لمشروعات اجتماعية مهمة تستهدف قطاعًا كبيرًا من المصريين، خاصة المهمشين منهم، لتحقيق العدالة الاجتماعية، فى محاولة لتوفير حياة كريمة لهم، ومن هؤلاء الأطفال بلا مأوى، الذين خصصت لهم الوزارة برنامجًا أو مشروعًا يستهدف تغيير نمط حياة هؤلاء الأطفال، حتى لا يكونوا قنبلة موقوتة فى وجه المجتمع.
«أطفال بلا مأوى»، يمثلون ظاهرة سلبية استرعت انتباه الجميع وأقلقتنا، فلا يكاد يخلو شارع من أحدهم، وتحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى أكثر من مرة، طالبًا من الحكومة إيجاد حل لها، ومن هنا بدأت وزارة التضامن البحث عن حل يقلل من الآثار السلبية للظاهرة، وتحويل هذه الفئة إلى طاقة بناءة بدلًا من أن تكون معاولًا للهدم، وكان التركيز منذ البداية على المسببات، وهو أمر فى غاية الأهمية، ويؤكد أن الدكتورة غادة والى، تريد التوصل إلى نتائج على الأرض، وليس المظاهر فقط، وبعد دراسات مستفيضة انتهى الأمر إلى أن من أهم الأسباب التى تؤدى إلى وجود هذه الظاهرة تدنى الدخل وعدم انتظامه، وسوء الأحوال الاقتصادية والاجتماعية بصفة عامة، لذلك كان التفكير فى برنامج الدعم النقدى المشروط الذى أطلق عليه مسمى «تكافل وكرامة»، خاصة تكافل، الذى يهدف إلى الاستثمار فى الأسرة المصرية المستهدفة، لأن أبناء الأسر المستهدفة من البرنامج أكثر عرضة للانضمام لأطفال الشوارع نتيجة الوضع الاقتصادى والاجتماعى لأسرهم، ونجح البرنامج فى تحقيق المستهدف منه، خاصة أنه يوفر لتلك الأسر أساسًا معيشيًا، بقيمة 325 جنيهًا شهريًا، بالإضافة إلى منحة تعليم لأكبر ثلاث أبناء بتلك الأسر، والتى تبلغ 100 جنيه للطالب فى المرحلة الثانوية، و80 جنيهًا للطالب فى المرحلة الإعدادية، و60 جنيهًا للطالب بالمرحلة الابتدائية.
هذه المبالغ قد لا تكون كبيرة، لكنها أفضل من لا شىء، بل أنها تساعد هذه الأسر على تحمل مشاق الحياة، وفى نفس الوقت لا يجب أن نغفل نقطة مهمة فى البرنامج أنه وضع شروطًا للمستحقين إذا أمعن النظر فيها لوجدنا أنها تستهدف صلاح الأسرة صحيًا واجتماعيًا، مثل الشرط المتعلق بأنه على الأسر كى يستمروا فى الحصول على المساعدات النقدية انتظام أبنائهم بالتعليم بنسبة حضور مدرسى لا تقل عن %80 من أيام الدراسة كل عام، وفى حال انقطاع الأبناء يتم وقف المساعدات، فضلًا عن اشتراط البرنامج تردد كل أم والأبناء على الوحدات الصحية والحصول على خدمات الرعاية الصحية التى تقدمها الدولة، وحضور الأم عدد ندوتين تثقيفيتين من الندوات التى تقدم بالوحدات الصحية، فكل ذلك بالتأكيد من شأنه استقرار الأبناء فى الأسر ومحاربة ظاهرة أطفال الشوارع.
بالعودة إلى الفكرة الأساسية المتعلقة بالقضاء على ظاهرة أطفال الشوارع أو «أطفال بلا مأوى»، ففى البداية علينا التسليم بأن هذه الظاهرة ليست فقط مسؤولية الدولة بمفردها، وإنما تتداخل فيها منظمات المجتمع المدنى أيضًا، وقد اطلعت على معلومات من وزارة التضامن تؤكد فى مجملها أننا أمام استراتيجية متكاملة تستهدف القضاء على هذه الظاهرة السلبية من جذورها بالتعاون مع كل المؤسسات والمنظمات الأهلية، حيث بنت الوزارة مع صندوق «تحيا مصر» خطة للحد من الظاهرة، وأيضًا تعاونت مع الجمعيات الأهلية العاملة بمجال أطفال بلا مأوى، وكذلك المنظمات الدولية، ويقوم هذا التعاون على أساس التكامل بين الخدمات والأدوات المؤدية لعلاج الظاهرة، ورصدت الوزارة 48 مليون جنيه لدعم الجمعيات الأهلية العاملة فى مجال الأطفال بلا مأوى، كما رصدت 2 مليون لدعم المبادرات التى تقدم حلولًا مبدعة للظاهرة، فضلًا عن تطوير مؤسسات الرعاية التى يقيم بها الطفل بلا مأوى، ونشر فرق العمل الميدانى فى الشارع لمحاولة دمجه للأسرة أو جذبه إلى المؤسسات التى يتم تطويرها لاستقباله، وتطوير مكاتب الاستشارات الأسرية ومكاتب المراقبة الاجتماعية وأندية الدفاع الاجتماعى التى تمثل الضلع المكمل للمنظومة، حيث تستهدف الأسرة والأطفال، وإنشاء مرصد لتتبع تطور الظاهرة، كما تؤسس الوزارة وحدة متخصصة لإدارة البرنامج، كما تسعى لتحقيق الاستدامة من خلال تطوير قدرات العاملين، وتوفير الأدوات التى تمكنهم من القيام بدورهم فى المستقبل.
المعلومات التى توفرها الوزارة لمن يريد الاطلاع على ما تقوم به من مجهود لمواجهة ظاهرة أطفال الشوارع والأطفال بلا مأوى، مليئة بالكثير من التفاصيل المهمة والدقيقة، والتى تؤكد فى مجملها أننا أمام عمل وطنى يحتاج منا دعمه بكل الأشكال، حتى إن اقتصر الأمر على مجرد الإبلاغ عن أطفال الشوارع والمتسولين من خلال الخط الساخن الذى خصصته الوزارة لهذا الأمر وهو 16439، لأن القضاء على أطفال الشوارع لن يكون إلا بتكاتف مجتمعى، ولن يتم بمجهود فردى مهما كانت قوته.