بعد القمّة العربية فى الظهران والضربة الانتقائية الثلاثية الأطراف فى سوريا اللتين تصادفتا وتتابعتا فى الزمان، ما جعلهما تعتبران ضمن الخطوات التى تحمل رسالة سياسية أكثر منها دبلوماسية أو عسكرية، فقد كشفت مرّة أخرى وأكدت هاتين الخطوتين أن إيران هى الخصم المستمر الخبيث الطموح الذى كان ومازال يسعى ويخطط وينفذ فى كل يوم خطوات باحتلال أرض عربية عن طرق نفوذ مذهبى أو مليشاوى أو سياسيى، فبالإضافة لوجوده فى الجزر الإماراتية الثلاث منذ العام 1971 (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) - وتعمل الإمارات بكل الإجراءات التى تتخذها لاستعادة سيادتها الكاملة وإلى إيجاد حل سلمى لقضية الجزر الثلاث عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية - فهناك اليوم وجود ايرانى فى سوريا والعراق واليمن بشكل واضح والبحرين والكويت الخ بشكل مستتر فجاءت قمّة الظهران لتشكل نقطة ارتكاز اضافية لوضع الردع أمام هذا التمدد الإيرانى.
أما بالنسبة إلى إسرائيل والقدس، فالقمة أكدت أنه لا للمزايدات بالمسألة الإيرانية لإدارة ترامب وإن التحالف مع الولايات المتحدة لا يعنى الرضوخ لوضع جديد على الأرض ولموقف أمريكى من القدس فليس لدى البعض من العرب ما يخفونه وأنهم ما زالوا موجودين فى المنطقة، وأن كل كلام سوريا عن انتصارات وهمية لا معنى له، الدليل أنه تم قصف المنشآت المرتبطة بإنتاج سلاح كيميائى فى سوريا وتظاهرت بأنها لم تر الصواريخ الأميركية والفرنسية والبريطانية، أما إيران فأعلنت عبر وكيلها حزب الله السيّد حسن نصر الله أنها انتصرت وأن "العدوان الثلاثى" لم يتجرّأ على عمل عسكرى أوسع؟ !
إذا كان من المهم الحديث عن أهم النقاط والمميزات لقمّة الظهران، فهى تتلخّص بأنها مثلت قمة الواقعية والوضوح العربية ودليلا أكبر على وجود مصر والمملكة عربية سعودية فى تعاون جديد وهناك استراتيجية سياسية توضح وتميز بين القدرات والأفعال وبين الشعارات والأوهام. بين ما يمكن عمله وما لا يمكن عمله. تسمى الأشياء وتحدد الخصوم والأعداء .
ربما كان الأفضل لمسئولى النظام السورى والروسى والإيرانى التحرك الإيجابى والسياسى، بدلا من التشكيك دون الحسم فى حقيقة استخدام الكيمياوى، أن يعملوا منذ سنوات، على الحل السياسى للتهدئة وإنقاذ الوطن والأرض والشعب، ومنع القصف العشوائى على الأبرياء، كذلك أن يساعدوا على تطبيق هذا المتفق علية من المبدأ، ودعمه فى كل الصياغات التى يطرحونها للتسوية اذا كانوا بالفعل جادين بدلا من التلاعب وشراء الوقت لصالحهم؛ على حساب الدم السورى.
لقد حان الوقت ومنذ سنوات، لأن يقول العرب والعالم كفى قتلا وتشريدا للسوريين. وحان الوقت لحل سياسى له معالم وخطوات، ولعل اتفاق جنيف الذى يسعى الروس وإيران والنظام لإضعافه، هى الأصلح، فهناك صرخة يومية فى الفضاء ووجب أن تعود العقول للتذكرة بالحقائق الآتية، هل كان على مدار أكثر من ستة سنوات مستمرة دور إيجابى لمجلس الأمن أو الأمم المتحدة أو الجامعة العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامى للمساهمة فى تخفيف نزيف الدم السورى أو وضعت خطوات فعالة فى الحل السلمى؟ وهل بشار الأسد والجيش السورى أو روسيا وقواعدها العسكرية أو إيران وحزب الله وسلاحها أو غيرها من اطراف ومليشيات على الأرض استطاعت أن تحمى هذا الشعب أو تسترجع عدد من ارواح شهداء وتغير شيئا فى مصير اللاجئين؟ هل الانتهاك اليومى للقانون الدولى بشكل سافر توقف؟ فالتمسك بحق بشار بالسلطة يزداد والتدخل الإيرانى، وحزب الله يزداد والتمدد الروسى بقواعد عسكرية يزداد والاحتلال للأراضى السورية من الجار التركى يزداد، والتبجح والتطاول الإسرائيلى يزداد، والإرهاب يزداد، والتهكم والتهديد الأمريكى يزداد، وفى النهاية لا ينقص شىء إلا فى أرواح المواطنين من الشعب السورى الذى يعانى من حياة اللاجئين والمشردين والمهجرين، ويبقى لنا هذا السؤال من يتحمل الآن اللوم والحساب فى هذه المأساة المستمرة منذ سنوات وشهور وأيام؟!