ما أعلنه الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم خلال الأيام الماضية عن تطوير منظومة التعليم بشكل كامل، دعنى أقول لك أن 7 دقائق فقط تحدث فيهم الوزير مع عمرو أديب لشرح تلك المنظومة بهدوء كانت كفيلة لحصد ملايين المشاهدات وزرعت أملا جديدا فى قلوب ملايين المصريين بأن يحصل أبنائهم على تعليم حقيقى على شاكله ما يشاهدوه فى الأفلام العالمية أو ما يدفع أبناء الأغنياء عشرات وأحيانا مئات الآلاف من الجنيهات سنويا ليحصلوا عليه.
الأمل الذى زرعه وزير التربية والتعليم فى نفوس المصريين لا يمكن فقط أن يكون مشروع وزير أو تجربة فاشلة جديدة لتطوير التعليم، وهو شخصيا قال أن ما يتحدث عنه مشروع دولة كاملة، والسؤال هنا لماذا لا نرى من يتحدث عن هذا المشروع سوى وزير التربية والتعليم ؟
وزير التربية والتعليم تحدث عن ما يمكن أن نطلق عليه خيال علمى وحلم يتحول لحقيقة، من تحويل المناهج إلى أفلام وألعاب على أيدى شركات عالمية، وعن امتحانات كتاب مفتوح، وعن تدريبات للمدرسين تجريها شركات عالمية، وتحدث عن استراتيجية جديدة تريد للطالب أن يستمتع بحياته وأن يستمتع بالتعليم بعد سنوات كان يمكن أن نطلق على التعليم فيها " خطرا على الصحة ويسبب الوفاة " حرفيا وليس مجازا، فمصر هى الدولة الوحيدة التى تشهد انتحار سنوى لطلاب مرحلة الثانوية العامة.
مصر تستحق هذا النوع من التعليم، ولكننا أيضا نستحق أن نتأكد أننا لن نقف بعد عام أو أثنين أمام مسئول جديد يقول لنا أن تجربة طارق شوقى كانت فكرة وهمية ولا يمكن تحقيقها على أرض الواقع، أو أن الدولة كانت تجرب، والحقيقة أن ما نشهده خلال السنوات القليلة الماضية هو أن الرئيس عبد الفتاح السيسى ينفذ ما يقوله، بحلوه ومره، فما يقوله ينفذ.. بداية من تعويم الجنيه والقرارات الاقتصادية الصعبة، وحتى الإنجازات الضخمة التى أكد الجميع أنها مجرد أحلام مثل قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة وتشغيل حقول الغاز فى شهور قليلة وغيرها.. فهل يتحول نظام التعليم الجديد لحقيقة ؟!
الحقيقة أن المصريين يستحقون أن يشاهدوا أكثر من وزير التربية والتعليم يتحدث عن هذا المشروع، وهذا ليس تقليلا من شأنه بل على العكس، فحلمه الذى يتحدث عنه الآن والذى خطط له بكل هذه القوة، يستحق أن نرى رئيس الوزراء وحتى رئيس الجمهورية يؤكد لنا أنه مشروع درس بعناية، وأن الدولة بأكملها ستقف خلفه، وفى تقديرى إما أن نرى هذا القدر من الاهتمام والتأكيد على أننا أمام مشروع حقيقى للدولة، وإلا أن نوجه الملايين التى ستصرف على تطوير هذا المشروع وشراء "التابلت" وشركات تدريب وغيرها لدعم البنية التحتية للمدارس وتوفير على الأقل أماكن أفضل وأكثر لملايين الطلاب الذين لا يجدون مقعد يجلسون عليه داخل الفصول.
أنا أكثر من يتمنى بل و- يعتقد - أن هذا المشروع سينجح، ولكننا أيضا نحتاج لأن يطمئن قلبنا، ووزير التعليم نفسه يحتاج أن تعمل معه الدولة بكافة مؤسساتها أن كانت قررت أن تتبنى مثل هذا المشروع الطموح فى دولة كان كل حلم أولياء الأمور فيها أن يذهب أبنائهم للمدرسة فى أمان ويجلسون على مقعد نظيف، فاستيقظوا على من يقول لهم أننا سنوزع عليكم "تابلت" وسنحول المناهج لأفلام والشركات العالمية تحول مناهجنا إلى قصص ممتعة وأطفالكم سيدخلون للامتحان بالكتب المفتوحة وغيرها من الأحلام المبهرة والمبهجة بالتأكيد.