هل تستطيع عزيزى المشاهد الإجابة عن السؤال التالى: أيهما يقود الآخر.. الواقع أم الدراما؟ يمكنك أن تجد إجابة سهلة عند النقاد الذين لا يقبلون اتهام المشاهد البسيط مثلى لأعمال فنية بأنها جعلت الواقع أكثر بؤسًا، لذلك يفضل هؤلاء النقاد تحميل الواقع مسؤولية تدنى الفن، لا أتحدث عن الأخلاق، وإنما عن انعدام المصداقية، حينما تشاهد دراما صعيدية مزدحمة بالأكشن واللهجة الملتوية التى لا تتحدث بها أى قرية فى الجنوب، والسيدات اللاتى يرتدين ملابس أقرب لزى الأميرات، وتملأن صدورهن وأذرعهن بمجوهرات تكفى لسداد ديون الغارمات فى بر المحروسة.. هذا لا يعبر عن الواقع فى الصعيد ولا صراعاته مع الجهل والثأر والقبلية، ولا الفقر الذى تخفيه طبقة سميكة من الرضا والستر وعزة النفس، وهذا التناقض فى الدراما هو الذى صنع النكات والصورة المغلوطة عند المشاهد العربى عن الصعيد وأحواله، وفى هذه الحالة يصبح الفن هو الجانى والواقع مجرد ضحية أخرى لنسب المشاهدة وأرباح المنتج.