منذ أيام قليلة انطلق معرض فلسطين الدولى للكتاب فى المكتبة الوطنية فى مدينة رام الله، وطبعا كانت مشاركة دور النشر المصرية أمرا محسوما، وبالفعل استعد الناشرون وأرسلوا كتبهم بالفعل، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلى منع دخول المصريين ولم يقدم لهم التصاريح اللازمة.
والمتأمل فى الأمر يجد أنه لا يحتاج تفسيرا صعبا، فإسرائيل ترغب فى تأكيد قوتها، لذا منعت الناشرين المصريين، وذلك لأنها تعرف جيدا أن مصر لن تتخلى عن فلسطين، وأنها القوة الحقيقية التى يمكنها أن تواجه هذا الاستبداد، لذا أرادت أن تقول لأهل فلسطين «نستطيع أن نمنع عنكم أهل مصر».
الأمر ليس منع كتب ولا دور نشر، لأن الوسائل التكنولوجية الآن يمكن أن تحل أزمة الكتاب وإرساله، لكن أن تقيم فلسطين معرضا دوليا للكتاب وأن يصبح لها متحف وطنى ومكتبة وطنية، هذه هى الأمور التى تزعج المحتل، فما بالك لو كانت مصر والأردن والدول العربية الأخرى موجودة داخل هذه المؤسسات، حتما سيصبح الأمر مزعجا للمحتل بصورة أكثر مما نتخيلها.
الأمر يتجاوز هنا حكايات التنديد والاستنكار، لأن ما يحدث هناك قصد مبيت للقضاء على أى كيان فلسطينى يريد أن يملك أمور نفسه وزمامه، فالمحتلون يعرفون جيدا أن الكيانات الصغيرة مثل معرض كتاب دولى ومشاركات عربية سوف يمنح هذه الكيانات مشروعية دولية، لذا هم يسعون لمنع ذلك.
نعم القصة أكبر من معرض كتاب، إنه رسالة إلى العرب جميعا قبل فلسطين بأن إسرائيل هى المتحكمة وأنها هى التى تمنع وتمنح وأننا لا نملك شيئا من الأمر، وفى الحقيقة لو استمر هذا الكيان الغاصب فى التعامل بهذه الطريقة دون رادع فليس له معنى آخر سوى أننا نتراجع للخلف.
المهم أن هذا الكلام لا يجوز أن يمر مرور الكرام، بل يحتاج ردا حاسما من جميع المؤسسات العربية والإسلامية ومن الدول ومن جامعة الدول العربية التى لم أسمع لها صوتا فى هذا الشأن، كما أنه يجب أن يصعد على مستوى دولى كى نكشف الوجه القبيح لجيش الاحتلال الإسرائيلى.
للعالم أن يرى القهر الذى يمارس ضد فلسطين، وللجامعة العربية أن تستغل مثل هذه الأمور، وعلى اليونسكو أن تتدخل حتى يكشف الله الأمر.