حاجة غريبة فعلا، لماذا لم نسمع عويلا وصراخا فى الصحف الغربية والقنوات إياها بعد إعلان نسب المشاركة فى الانتخابات النيابية اللبنانية أو الانتخابات البلدية التونسية؟ لماذا لم نقرأ تلك التقارير المسمومة التى تروج كذبا وزورا أن اللبنانيين والتونسيين قاطعوا الانتخابات؟ ولماذا لم يخرج علينا الأبواق المأجورين يلطمون خدودهم ويصورون الانتخابات فى البلدين بالتمثيلية أو المهزلة أو تعلن قنوات مثل الجزيرة وأخواتها مثلا عن إجراء انتخابات إلكترونية موازية؟
نسبة المشاركة فى الانتخابات البلدية التونسية بلغت 33,7% فقط من إجمالى عدد الناخبين المقيدين بكشوف الانتخابات حسب بيانات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، رغم أن الانتخابات البلدية هى الأولى منذ ثمانى سنوات تقريبا بعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن على فى ثورة الياسمين.
وبلغت نسبة المشاركة فى الانتخابات النيابية اللبنانية 49 % من إجمالى عدد الناخبين المقيدين فى الكشوف الانتخابية، بحسب ما أعلنه وزير الداخلية اللبنانى جهاد المشنوق الذى أوضح تراجع نسبة المشاركة عن انتخابات 2009 التى شهدت مشاركة 54 % من الناخبين، ورغم ذلك حظيت الانتخابات بإشادات لبنانية وعربية ودولية.
نحن بالطبع لا نهاجم الانتخابات النيابية فى لبنان ولا الانتخابات البلدية فى تونس ولا نعلق بالسلب على إرادة إخواننا فى لبنان أو تونس، بل نهنئهم على إجراء الاستحقاقات الانتخابية فى موعدها ودون حوادث تذكر، ولكننا نهدف إلى الاستشهاد بالحدثين الانتخابيين للتذكير بما تم ويتم تجاه الانتخابات المصرية سواء النيابية أو الرئاسية، وأشكال الطعن عليها فى وسائل الإعلام الإخوانية أو التركية والقطرية، وكذا الصفحات الإعلانية الموجهة ضدها فى الصحف الغربية وبعض الفضائيات، لتصدير صورة نمطية عن الانتخابات المصرية أنها مقاطعة من المصريين، بينما لم يحدث ذلك مع أى انتخابات أخرى فى الدول العربية أو فى العالم.
الانتخابات البرلمانية المصرية وكذا الانتخابات الرئاسية أجريت فى أجواء نزيهة شهد لها العالم وراقبها 48 منظمة محلية و9 منضمات دولية ومئات الصحافيين الأجانب الذين خرجوا بتقارير تؤكد إجراء الانتخابات بدون تدخل أية جهة تنفيذية.
كما أظهرت تلك التقارير مجموعة من النقاط الإيجابية على مستوى التنظيم وتقديم الدعم للناخبين وتوفير المعلومات للمواطنين، وكذا تسهيل عمل المراقبين والتأمين الجيد للجان، كما أشادت تقارير المنظمات الدولية المعلنة خصوصا تقارير مجموعة الكوميسا والاتحاد الأفريقى بالسلاسة الكبيرة التى جرت فيها عملية التصويت، والوقت القليل الذى استغرقه إدلاء الناخبين بأصواتهم، رغم الإقبال والزحام.
وأشارت التقارير إلى أن المصريين جعلوا من الانتخابات مناسبة للاحتفال، على اختلاف أعمارهم وتوجهاتهم، وهو أمر يعكس وعيا متقدما بأهمية العملية الديمقراطية لدى فئات واسعة من المصريين، حتى أولئك الذين لا يجيدون القراءة والكتابة أو يندرجون تحت فئة الفقراء ومحدودى الدخل.
ورغم ذلك تعرضت الانتخابات المصرية لتلك الموجات من الشائعات والتقارير المضادة الموجهة دون سند من بيانات أو معلومات موثقة، الأمر الذى يؤكد أن المصريين مهما عملوا فلن يرضى عنهم المعسكر الأمريكى والغربى كما لن يغفر لهم معسكر الاستعمار الجديد وذيوله أنهم أوقفوا أضخم مشروع استعمارى لتفتيت وإعادة تفتيت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ونهب ثرواتها، ولذا نقول للمصريين، «لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون».