البداية كانت على يد صديقى الشاعر الجميل، صاحب الدم الخفيف والقفشة الحاضرة والروح الوثابة، «عادل سلامة»، فقد كان عادل جالسًا فى بيته، وبدون سابق إنذار تسربت إلى أذنيه أنغام الموسيقى التى صدحت تحت النافذة، أسرع عادل بفتح النافذة ليرى فرقة موسيقية متجولة فى الشارع، يميزها عازف ترومبيت موهوب، عرفنا فيما بعد أن اسمه هو وحيد سعد، التقط عادل له تسجيلا مصورًا وأذاعه على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى، وفى ساعات معدودة كان عدد مشاهدات الفيديو تجاوزت عشرات الآلاف، ثم تفاعل الناس معه أكثر فتناقلتها الصفحات الأخرى، كما تناقلتها العديد من المواقع الإلكترونية، وهو ما دفع الشاعر عادل سلامة للبحث عن هذا الرجل واستضافته فى بيته والاستماع إليه وهو يعزف على تلك الآلة، التى أوشكت على الانقراض فى مصر.
لم يسكت عادل عند ذلك الحد، تفاعل مع انتصاره الصغير بأن يجعل شخصًا موهوبًا يعيش فى الظل، ويسعى لكسب قوت يومه بالعزف فى الشارع، شخصًا مشهورًا مطلوبًا على وجه السرعة لكل من يحب الفن ويقدره، وكانت الخطوة المهمة الأخرى أن يظهر «وحيد سعد» مع فرقة «عمدان النور» فى المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية، وهكذا تتجلى الدراما وهكذا تتعاظم النقلة الحضارية، من الشارع إلى الأوبرا، ليؤكد «سلامة» ومن قبله «سعد» أن الفن هوية وجنسية، والفن تذكرة مرور وجسر عبور، لا فرق بين هذا وذاك سوى بعشق النغمة وتتبع الخيال.
اليوم أسس «عادل سلامة» لعازف الترومبيت «الشهير» وحيد سعد فرقة موسيقية تحت اسم «ترومبا باند»، وقد أجرى أولى تجارب هذه الفرقة بعزف أغنية «ع اللى جرا» بمصاحبة آلات الدرامز والجيتار والكيبورد ليؤدى الترومبيت «الصولو» وحده لتخرج الأغنية فى ثوب جديد بعد أن أعيد توزيعها، وليحقق سلامة وسعد خطوة مهمة فى خطى الاحتراف، وفى الحقيقة أنا لا أخفى عليك فرحتى بـ«صديقى»، الذى قام بدور عظيم فى خدمة الفن وإضافة فنان مصرى إلى قائمة الموسيقيين الموهوبين، فقد فعل سلامة ما تعجز عن فعله وزارة الثقافة، وتحرك بمفرده منطلقًا من أننا فى مصر بحسب التعبير العامى «بنتكعبل فى المواهب»، لكن للأسف تموت هذه المواهب وتذبل إذا لم تجد وزارة ترعاها أو من على شاكلة «عادل سلامة» ليحتفى بها ويقدم لها ما يستطيع.