لا يمر يوم إلا وتقدم فيه مصر النموذج لأشقائها وأصدقائها العرب والأفارقة، فى كيفية الاستفادة من القدرات الكامنة داخلها، خاصة القدرات الشبابية التى تزخر بها القارة الأفريقية، لكنها للأسف الشديد خارج الاهتمام المؤسسى والرسمى، إلا ما ندر، لكن القاهرة اليوم تقدم النموذج الذى يمكن أن تعتمد عليه دول القارة لكى تعيد بناء نفسها بنفسها وبأيدى وسواعد شبابها.
النموذج الذى أتحدث عنه رأيته، مساء الأحد، وعلى مدار ثلاث ساعات، كان نتاجًا لجهد وعمل شاق استمر لعدة أيام من شباب البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، والأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب، وعدد من شباب أفريقيا، ممن اتفقوا على إجراء نموذج محاكاة للاتحاد الأفريقى، خرج بشكل يليق بجهد الشباب، وأيضًا بمن وثق بهم ومنحهم الثقة، وقال لهم افعلوا ما يترآى لكم، وتعلموا من أخطائكم، فكانت النتيجة هذا النموذج المبهر الذى ظهر أمام ملايين تابعوا جلسات نموذج المحاكاة على شاشات التليفزيون، وبشهادة وتقييم من ضيوف حضروا خصيصًا ليطلعوا على تفاصيل ما حدث ويحدث، حضرت ديانا بهاتى من رواندا وهى أحد مؤسسى اتحاد الشباب الرواندى المعنى بقضايا المناخ وهى مؤسسة شبابية رواندية تهتم بقضايا تغير المناخ، كما حضر ماهاما ويدراوجو رئيس القطاع العلمى والتكنولوجى بمفوضية الاتحاد الأفريقى، وأيضًا بحر حسن ديار نائب رئيس الأحزاب الشبابية الأفريقية.
من حضر النموذج ومن شاهده رأوا شبابًا يتحدثون وهم يتقمصون دور رؤساء الدول الأفريقية، ويتناقشون فيما بينهم ويتباحثون حول قضية الساعة فى القارة السمراء، وهى تمكين الشباب والتحديات التى تواجههم، يتحدثون بثقة وخبرة اكتسبوها من معايشتهم لمشاكلهم ومشاكل بلدانهم ، فكانوا خير من يمثلون شبابهم.
حضور الرئيس عبد الفتاح السيسى جلسات المحاكاة، أعطى زخمًا كبيرًا للحدث، لكنه فى الوقت نفسه كان بمثابة أقوى رسالة للداخل والخارج أيضًا، أن الدول لن تنهض ولن تتحرك إلا بالاعتماد على الشباب الواعى والفاهم والمدرك للتحديات والذى يملك الحلول أيضًا، وهو ما تحقق بالفعل فى هذا النموذج، الذى انتهى بكلمة من الرئيس حملت أيضًا تأكيدًا للجميع بأن الاهتمام بالشباب يجب أن يخرج عن نطاق الشعارات ويتحول لواقع على الأرض.
هذا الواقع هو ما أشار إليه الرئيس فى كلمته، حينما طالب شباب الأكاديمية الوطنية للتدريب، بتجهيز مقاربة مختلفة وجديدة لمشاكل القارة السمراء والحلول المقترحة لها، حتى تستفيد منها مصر وهى تستعد لتسلم رئاسة الاتحاد الأفريقى العام المقبل، مرسخًا بذلك لسلوك جديد على القارة.. كلى يقين أنه سيكون تقليدًا متبعًا فى كل دول القارة، لأن الرؤساء والقادة سيرون فى قمة الاتحاد الأفريقى بأديس أبابا فى يناير المقبل شيئًا لن يستطيعوا تجاهله، ولا يملكون إلا تقليده، وهو أن يأتى إليهم رئيس مصر ومعه كما قال الرئيس مجموعة من شباب مصر وأفكارهم المليئة بالحلول للمشاكل التى تعانى منها القارة، ويقدمهم للقمة، متعهدًا أن يكون هناك تعاون بين القادة والشباب حتى يكون عام 2019، عام رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى مختلفًا عن أى رئاسة سابقة، عام ملىء بالمبادرات الجادة والحيوية والشابة أيضًا.
الرئيس السيسى قال لشباب نموذج المحاكاة «سأدعوكم لمساعدتى وهاخدكم معايا فى الاتحاد الأفريقى وأقول دول شباب مصر اللى جهزوا لى ما تسمعونه.. سينظر الأشقاء لنا بدور قوى ومتوقع وعلينا أن نكون على قدر هذا الأمل والتحدى.. اجهزوا بشكل مختلف حتى يرى الاتحاد الأفريقى نموذجا مختلفا لجهد شباب القارة اللى هيكون رسالة لكل القارة على قدر شبابها».
تخيلوا معى كيف سيستقبل قادة وزعماء أفريقيا هذا التقليد الجديد على القمة الأفريقية، وكيف سيتعاملون معه، وكيف ستكون ردة فعل شباب القارة، حينما يروا رئيس دولة كبيرة يدخل القمة ومعه مجموعة من الشباب ويقول للجميع «إن رؤية الرئاسة المصرية للاتحاد انطلقت بأفكار هؤلاء الشباب.. ستكون هناك غيرة حميدة ومطلوبة من الجميع وسيكون لها تأثيرات إيجابية مستقبلًا.. بكل تأكيد أن ما تقوم به مصر وتخطط له الآن سيحدث ثورة تغيير فى كل القارة، التى تحتاج إلى أن يكون لشبابها دور فى المستقبل فى المشاركة بالحلول، خاصة فى قضايا التعليم والتطرف وإيجاد فرص عمل حقيقية للشباب».
من الآن وحتى يناير المقبل ستكون الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب، شعلة نشاط تجمع شباب مصر والشباب الأفارقة الذين تلقوا دعوة من الرئيس السيسى بأن يكون لهم دور فى صياغة الاستراتيجية المصرية للاتحاد الأفريقى، خاصة أن هؤلاء الشباب بما رأوه يتحقق فى مصر طيلة السنوات الأربع الماضية يدركون أن جهدهم لن يضيع هباء، فالرئيس السيسى منذ إعلان فكرة مؤتمرات الشباب، ومن بعدها منتدى شباب العالم الذى انطلق من مصر العام الماضى، وهو يأخذ توصيات الشباب وأفكارهم مأخذ الجد والتنفيذ، وهو ما يلقى على الشباب مسؤولية كبيرة، لأن الأمر تعدى مرحلة الشعارات، ودخل فى منطقة الجد التى لا تحتمل الهزار، لذلك فإننا ننتظر جميعًا خلاصة عمل وأفكار شبابنا التى سيبهرون بها قادة أفريقا، وليعلم هؤلاء الشباب أن ما قدموه من نموذج الأحد الماضى، أبهر الجميع ووضع على كاهلهم مسؤولية استمرار العمل بنفس الجهد والكفاءة.