كل ما يجرى فى الشوارع والطرق ومشكلات الفوضى والزحام والمخالفات والإشغالات والرصف والحفر، ومشكلات «التوك توك» والنظافة، والخدمات، ترتبط بمجلس الحى أو المدينة، ورئيس الحى هو المسؤول الأول والأخير، عن إدارة كل ما يتعلق بالأمور التنفيذية والخدمات ومراقبة الأسواق، والتنسيق بين الإدارات المختلفة.
لكن ما نراه ونعيشه فى كل مكان بالقاهرة والمحافظات ، أن رؤساء الأحياء والمدن يجلسون فى مكاتبهم، ويتركون تسيير الأمور لإدارات بيروقراطية ومتربصة، تسهل الصعب إذا أرادت وتعقد السهل، وتفرض سطوتها على المواطنين فتتهاون مع المخالفين والمعتدين على الطرق والأرصفة. بينما يتشددون مع المخالفات البسيطة، وكل هذا حسب بوصلة المصالح. وخلال الشهور الماضية سقط عدد من رؤساء الأحياء بتهم الفساد، بينما كشفت الأمطار عن الغياب التام لرؤساء مدن وأحياء غيابًا تامًا.
وبفضل الغياب التام للإدارات المحلية فإن المبانى المخالفة والإشغالات تزدهر أمام الجميع، ويكاد المواطن يضرب كفًا بكف وهو يرى الفوضى والغياب التام للمحليات. وفى محافظة القاهرة على سبيل المثال هناك مناطق وشوارع تختفى منها الرقابة فتتحول إلى مناطق مغلقة، ومقالب للقمامة، والسير المخالف للميكروباس و«التوك توك» ناهيك عن احتلال الشوارع والأرصفة بالجنازير، بل وزرع قضبان الحديد فى وسط الشارع من دون أن يعترض أحد. ونضرب مثالًا بأحياء مثل دار السلام وعين شمس والمطرية، حيث لاتوجد رقابة من أى نوع، ورؤساء الأحياء غائبين لا أحد يعرف أشكالهم ولا أسماءهم. والناس تعيش فى ظل غياب رؤساء الأحياء.
وإذا كان أغلب، إن لم يكن كل مشكلات المحليات، سببها غياب رؤساء الأحياء والمدن. فهل يعرف رئيس الحى أو المدينة المهام والتى يفترض القيام بها، هل يعرف هؤلاء وظيفتهم وسلطاتهم؟. إذا كانوا يعرفون فلماذا يتم الإبقاء عليهم وهم فاشلون ومهملون؟.
يبدو أن محافظة القاهرة انتبهت إلى أن رؤساء الأحياء لايعرفون مهام وظائفهم، ولهذا قررت المحافظة إطلاق «دليل إجراءات عمل رئيس الحى»، وهو ابتكار جديد من محافظة القاهرة يتضمن شرحًا لمهام رئيس الحى، وقال محافظ القاهرة، المهندس عاطف عبد الحميد، إن الدليل يعد موسوعة إرشادية ومنهاج عمل لأى رئيس حى جديد، يتضمن الموضوعات والاختصاصات العامة الموكلة له.
وقال المتحدث باسم محافظة القاهرة، إن المحافظ شكل لجنة برئاسة السكرتير العام، وعدد من رؤساء الأحياء وأساتذة فى الإدارة المحلية، وهذه اللجنة أنتجت «دليل عمل رؤساء الأحياء»، ويهدف لتوحيد الإجراءات وأساليب العمل فى جميع الأحياء.
وبالرغم مما يبدو من غرابة إصدار دليل عمل لرؤساء الأحياء، بعد كل هذه السنوات، فإنه يكشف عن عدم معرفة بعض رؤساء الأحياء والمدن بمهام وظائفهم، وكيف كان رؤساء الأحياء يعملون كل هذه السنوات، ولماذا يكون هناك رئيس حى يعمل وآخر مهمل وفاشل؟.
وهل يحتاج رؤساء الأحياء والمدن إلى معرفة أكثر بمهامهم وربما تدريبات. وهل يمكن الرهان على أن مجرد صدور الدليل الاسترشادى يمكن أن يحل مشكلات المحليات، ويسهل حياة الناس ويقضى على المخالفات وينظم الشوارع وينظفها، وهل يمكن أن يتغير رئيس حى أو مدينة من الفشل للنجاح، ومن الكسل والإهمال إلى النشاط والجودة بمجرد قراءة الدليل الجديد؟.
لا أحد يظن أن رؤساء الأحياء الكسالى والفاشلين، يمكن أن يغيرهم دليل استرشادى أو مدونة توضيحية ولا حتى مراجع الدنيا.. ناهيك عن كلام مستمر من شهور عن قانون جديد للإدارة المحلية، وانتخابات المجالس الشعبية المحلية التى يمكن أن تلعب دورًا فى متابعة العمل فى المحليات وتمارس دورًا رقابيًا على المسؤولين.
الطبيعى أن اختيار رؤساء الأحياء والمدن يتم بناء على إمكانياتهم فى الإدارة، وما حصلوا عليه من خبرات. ولا نظن أن رئيس الحى الفاشل أو المهمل يجهل وظيفته، ومهامه الرئيسية والفرعية، والأمر يتعلق بطريقة اختيارهم، فضلًا عن غياب المجالس الشعبية المحلية. وأن مواجهة الإهمال والكسل والفساد يتم بتغيير طريقة اختيار المهام القيادية فى الأحياء والمدن والقرى. لأن حجم الإهمال والفساد لايمكن أن يعالجه دليل استرشادى أو مدونة ولاحتى مراجع الدنيا كلها.