فى وقائع سقوط الأندلس شهد كثير من الناس عصورًا مزدهرة، لم يكن واحد منهم يتصور أن يأتى اليوم الذى يصبح فيه كل هذا مجرد ماضٍ يتذكرون كل تفاصيله، لكنهم لا يتذكرون متى بالضبط بدأت متوالية السقوط، وكيف كبر العدو حتى أصبح بإمكانه التهام الأرض قطعة بعد قطعة، ويقتل الأحلام واحدًا فى ذيل الآخر، وهذا هو ديدن العداوات، تبدأ ذرة صغيرة فى فراغ ثم تجمع حولها بقية القطع حتى تصبح بركانًا غاضبًا أو إعصارًا غشيمًا يدمر كل مستقر فى مناخ ممتلئ بالخيانات والصراع، وهذا يشكك فى النظريات المتشائمة حول وجوب الحذر من الأصدقاء أولًا، فالصديق مهما كانت حماقته تشفع له النية الحسنة ونبل الهدف طالما غابت الخيانة، لكن هؤلاء الذين يتجولون بيننا بابتسامة صفراء وقلوب يملؤها السواد، انظر فى أعينهم جيدًا لأنهم يستحقون منك مزيدا من الحذر ، بدلًا من تضييع الوقت فى اختبار الأصدقاء.