«أدهم صبرى ضابط مخابرات مصرى».. لا أتذكر أول رواية قرأتها فى سلسلة رجل المستحيل التى كان يكتبها الدكتور نبيل فاروق، لكننى أتذكر جيدا أننى منذ بدأت فى القراءة لم أتوقف، لسنوات طويلة.
كانت شخصية أدهم صبرى ساحرة تماما، ولها تأثيرها الطاغى على الجيل كله، فتخيلوا أثرها على طفل، يعيش فى قرية لم يغادرها إلا إلى قرى تشبهها، حتما كانت هذه الروايات ستترك أثرا مضاعفا لديه.
فى الحقيقة استطاع الدكتور نبيل فاروق أن يرسم شخصية أدهم صبرى بشكل جيد، فقد أضفى عليه كل مقومات النجاح، ودار حول محورين مهمين هما الوطنية والمغامرة، وبالطبع لم ينس الحب.
والحب هو منى توفيق، زميلة أدهم صبرى وحبيبته، كانت شريكته فى قلبى، كنت أحبها، وأغار عليها جدا، وكنت بسببها لا أنتبه للبنات زميلاتى، وليس لى رغبة فى الحديث معهن، وحتى الآن لا أعرف لماذا أحببتها بهذا الشكل، حتى أنه عندما سرت شائعة بأن نبيل فاروق سوف يترك منى توفيق تموت فى العدد رقم مائة، اتخذت قرارا أنه لو فعل ذلك فسوف أحرق كل الأعداد التى أملكها من السلسلة.
كان أدهم صبرى رفيقا دائما فى البيت، لا فرق بين مدرسة وإجازة، طالما هناك روايات لرجل لمستحيل فقراءتها واجبة، لم أكن فى هذه السن الصغيرة قد عرفت الهزائم بعد، لكن أدهم صبرى علمنى طعم النصر، وغرس فى قلبى الانتماء للوطن بشكل أفضل من حصص التربية الوطنية.
كما صنعت روايات أدهم صبرى الكثير من حب المغامرة لدينا، فبعيدا عن غلبة الخيال التى كانت تسكن عقولنا، وتهيئ لنا أننا ذات يوم سوف نصير مثل أدهم صبرى، فإن هذه الروايات كانت ممنوعة فى البيت فى أيام المدرسة، لكننى كنت أتحايل على كل ذلك فأضع الرواية صغيرة الحجم داخل الكتاب المدرسى، لكن والدتى كانت دائما بالمرصاد لمثل هذه الحركات، تضبطنى عادة وأنجح أحيانا، وفى المدرسة الثانوية عانيت كثيرا كى أثبت أن القصة المقررة علينا فى مادة اللغة الإنجليزية ليست رواية، فتتركها أمى، لكنها لا تترك شكها فيما أقرأه أبدا.
أما فى بيوت أصدقائى كانت عمليات تفتيش كاملة تتم، تبدأ بالبحث عن الروايات، وتنتهى بمحرقة هائلة نشاهد الروايات والأمهات تلقى بها فى فرن الخبيز.