إن من محاسن ديننا الجليل الاهتمام بمكارم الأخلاق، قال النبى، صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
ومما يؤسف فى هذه الأيام أن نجد المرأة المسلمة تخلت عن حيائها، فنقص دينها وقل حياؤها الذى هو شعبة من شعب الإيمان، ولقلة هذا الحياء أسباب كثيرة، ولعل أخطرها التساهل فى التربية عليه من الصغر، فمن شبّ على شىء شاب عليه.
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت.. ولا تلين إذا كانت من الخشب
فتنبهى أيتها الأم العاقلة الفطنة إلى هذا الأمر؛ لأنك مسؤولة مسؤولية كبيرة عن تربية بناتك، فالحياء وإن كان فطرة فى الإنسان، فإنه ينمو بالتزام آداب الشريعة والتخلق بالأخلاق الكريمة، فالحياء يلازم الإيمان وينبع منه، واعلمى أن «الحياء خير كله»، واعلمى أيضًا أن الله إذا أراد بعبدٍ هلاكًا نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتًا ممقتًا.
اجعلى بيتك مثل ذلك البيت الذى خرّج نموذجًا رفيعًا من نماذج النساء الرائعات اللاتى اتصفن بالحياء، والذى ورد ذكره فى قوله تعالى: «وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وجد عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تـَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِى حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ»، «سورة القصص، الآية 23»، إنه نموذج لامرأتين عفيفتين عندهما من الحياء ما يسع نساء اليوم. ثم قال: «فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِى عَلَى اسْتِحْيَاءٍ.. »، «القصص، الآية 25»، تمشى على استحياء أى تمشى عفيفة متعففة دون ميل أو انحرافٍ وميوعة كما نجد بعض النساء اليوم اللاتى تحررن من مكارم الأخلاق والدين، ونزعن حجاب الحشمة والفضيلة وتباهين بذلك، فخربت البيوت، وشاعت الفاحشة فى المجتمع، وانقلب ميزان القيم، وتراجعت أخلاق الأمم.
تدبرى أيتها المرأة قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم «صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا»، فاحذرى أن تكونى ممن لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها.
عليكن يا نساء أمة محمد مسؤولية عظيمة، وعبء كبير فى إشاعة الفضيلة فى المجتمع، ونشر الأخلاق فيه، وترسيخ القيم، والمحافظة على الحياء، ولتعلم النساء جميعًا أن قلة الحياء تؤدى إلى فساد المجتمع وانهياره، وهذه سنة الله فى كونه، فما فشت الفاحشة فى قوم إلا أذلهم الله وكتب عليهم الهزيمة والفناء، فخطرك أيتها المرأة عظيم، ودورك جليل كبير فى عودة الأخلاق والفضيلة للمجتمع.
أيتها المرأة المسلمة استحى من الله حق الحياء، وحققى شهادتك أن محمدًا رسول الله، بأن تصدقيه فيما أخبر، وتطيعيه فيما أمر، وتجتنبى ما نهى عنه وزجر، وإياكِ أن تخالفى أمره اتباعًا للهوى أو مجاراة لأحد، أو لسبب آخر غير ذلك، قال عز وجل: «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ»، «سورة النور، الآية 63».