مثلما فاجأنا ترامب بالخبر السار عن عزمه عقد لقاء قمة مع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، واستعداد أون لوقف تجاربه النووية وتفكيك جزء كبير من ترسانته المدمرة، عاد ترامب وأعلن عن إلغاء القمة التى كان مقررا عقدها 12 يونيو المقبل، فى سنغافورة لأسباب تبدو واهية، الأمر الذى دفع العالم إلى دوامة من القلق والخوف الفعلى من اندلاع حرب نووية بين البلدين، وساعتها لن تكون الحرب محدودة كما لن يكون طرفاها هما المتضرران فقط بل العالم أجمع.
هل كانت هناك فرصة حقيقية للسلام أصلا بين واشنطن وبيونج يانج؟ قطعًا كانت هناك فرصة كبيرة قائمة لوقف صراع سياسى وعسكرى مستمر منذ أكثر من ستة عقود، كما كانت آثار السلام فى شبه الجزيرة الكورية هائلة على نصف العالم الشرقى، أمنيا واقتصاديا، بل لا نبالغ إذا قلنا إن السلام بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة يعنى تقليل مخاطر التدمير لكوكبنا الأرضى وإفناء العنصر البشرى بنسبة خمسين بالمائة، لكن هل الإدارة الأمريكية فعلا جادة فى تقليل المخاطر الجسيمة بشبه الجزيرة الكورية وبحر اليابان أم أن من مصلحتها إبقاء حالة التوتر بتلك المنطقة الحيوية من العالم؟
ترامب فى بيان إلغائه لقاء القمة مع كيم جونج أون قال موجها حديثه إلى الزعيم الكورى، «كنت أتطلع كثيرا لألتقيك، لكن للأسف، استنادًا إلى الغضب الهائل والعداء المفتوح الذى ظهر فى آخر تصريح لك، أشعر أنه من غير الملائم، فى هذا الوقت، عقد هذا الاجتماع المخطط له منذ فترة طويلة، وإذا كنت تتحدث عن قدراتك النووية، فإن قدراتنا هائلة وقوية للغاية لدرجة أدعو الله ألا تستخدم أبدا».
ما الموقف الكورى الكارثى الذى تسبب فى تعطيل أهم قمة ثنائية بالنسبة للعالم؟ حتى إعلان ترامب إلغاء قمة سنغافورة، كان كيم جونج أون يقدم مبادرة ضخمة لتدعيم السلام العالمى بتفكيك موقع بونجى-رى للتجارب النووية، فى حضور وكالات الأنباء العالمية وحشود الصحفيين الأجانب، كما دفعت المبادرة وسائل إعلام كوريا الجنوبية إلى الاعتراف بأن الجارة الشمالية أوفت بتعهداتها حول التخلص من الأنفاق المستخدمة فى التجارب النووية، الأمر الذى يعنى باختصار سعى بيونج يانج إلى السلام الجاد.
تقارير إعلامية تناولت تراشقا بين نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس ونائبة وزير الشؤون الخارجية فى كوريا الشمالية، تشوى سون هوى، واعتبرت هذا التراشق سببًا مباشرًا لتعطيل مباحثات السلام وعقد القمة المرتقبة، خاصة وأن بنس بدا حادا وعدوانيا فى تصريحاته لقناة فوكس نيوز التى حذر فيها كيم جونج أون من مراوغة واشنطن قبل قمة سنغافورة، مهددًا بأن كوريا الشمالية قد ينتهى بها الأمر مثل ليبيا إذا لم يبرم كيم جونج أون صفقة بشأن برنامجه النووى.
وخلال المقابلة وصف بنس نائبة وزير الشؤون الخارجية بكوريا الشمالية، بأنها جاهلة وغبية، وفى المقابل ردت تشوى سون هوى بغضب وانتقدت ما وصفته بالتصريحات الوقحة والغبية الصادرة من فم نائب الرئيس الأمريكى، مشيرة إلى أن بلادها لن تجبر على الجلوس على طاولة المفاوضات بواسطة تهديدات واشنطن، كما أن بيونج يانج لن تتوسل إلى الولايات المتحدة من أجل الحوار أو الجلوس فى المفاوضات، وأن واشنطن لو استمرت فى التصرف بطريقة مشينة فإنها ستضطر إلى رفع تقرير إلى قيادة بلدها لإعادة النظر فى عقد القمة المرتقبة.
وللحديث بقية