العمال والفلاحون ليسوا وسائل إنتاج حية

كنت قد أشرت فى مقال سابق إلى نظرية "الافتقار النسبى" وكيف أن ذلك النظام الرأسمالى المعاصر قد تركنا بسؤالين محيرين وهما؛ هل ارتفاع مستوى الأجور العمالية حقيقى؟ والآخر هل يوزع الدخل القومى بصورة عادلة؟. وعلى ذلك نخصص هذا المقال لمحاولة إجابة السؤال الأول، حيث يشير التقرير الاقتصادى لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية عن الدخل القومى والنفقات العامة فى أمريكا إلى أن تطور الأجور والمرتبات إلى ارتفاع وصل بين 10% حتى 50% فى العشر سنوات الأخيرة من الدخل القومى، إلا أن معظم تلك الزيادة قد صبت فى الأجور والرواتب التى تدفع شهرياً وليست أسبوعياً (أى المستفيد هم كبار الموظفين والعمال)، وذلك الفصل الذى يمكن اعتباره أبرز خصائص وسمات الرأسمالية المعاصرة. هذا بالإضافة إلى إعطاء العمال بعض الخدمات الاجتماعية والتأمينات إلى جانب ضمان التعليم المجانى لعائلتهم وسائر المواطنين حتى نهاية المستوى الابتدائى، ثم بعد ذلك ضمان مجانية التعليم الثانوى والعالى لأبناء العمال فيما بعد. وإضافات أخرى فى خدمات المسكن والصحة. ومن جهة أخرى فقد دخلت بعض التحسينات فى شروط العمل، فخفضت ساعات العمل اليومية والأسبوعية، كما أقرت مبدأ العطلات السنوية مرفقة الأجر. وقد قننت معظم تلك المكاسب والخدمات الاجتماعية ومتمماتها العالمية على شكل اتفاقات وتوصيات عمل دولية، وأصبحت جزءا من ميثاق العدالة الاجتماعية الدولية، وهو ما سوف نشير إليه فى وقت لاحق. وقد كان تكتل العمال المنظم ونضالهم المستمر، يستهدفان القضاء على نظرة المجتمع إليهم، على أنهم "وسائل إنتاج حية"، كما كان يصفهم بعض كتاب الاقتصاد، وذلك للوصول إلى وضع إنسانى كريم يحقق مصالحهم ويصل إلى التنمية الاقتصادية فى نفس الوقت. وهكذا، فإن ما يتوجب علينا أن نفعله للتخلص من نظرية "الافتقار النسبى" أن نتعدى فى تقييمنا لحالة العمال فقط، الرواتب والأجور النسبية، وأن نذهب إلى نطاق أوسع وهو كيفية توزيع الدخل القومى بين قطاعات المجتمع لاستنتاج ما إذا كانت عملية التوزيع تقترب من العدالة أو تبتعد عنها. الأمر الذى يؤكد ما إذا كانت أقل عدالة فى التوزيع، أمكن عندئذ القول بأنه قد تم "افتقار نسبى" للفئات العاملة، حتى ولو كان مستوى الأجور المطلق للشعب قد ارتفع فعلا، أما إذا كان التوزيع أكثر عدالة وأقرب إلى الإنصاف والمساواة، فلن يكون هناك "افتقار نسبى" يذكر فى هذه الحالة. وفى النهاية العكس هو الصحيح، إنما يجب أن يرتفع نصيب الفرد من الإنتاج القومى العام فى الأساس مع زيادة الأجور والرواتب، بحيث يتوصل العامل إلى رفع مستوى معيشته، وأيضاً نصيب من كل الخدمات العامة التى تقدمها الدولة.. وهذا ما سوف نعرضه فى المقال المقبل.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;