إنه فى اليوم الثانى من يونيو 2018 بوسط القاهرة، حيث مبنى مجلس النواب، وكل أرواح الشهداء فى كل ربوع الوطن شاخصة، فرحة لعودة دولة جمهورية مصر القوية، بعدما ضحى هؤلاء الأبطال «جيش وشرطة وشعب» بدمائهم، وكنت أتخيل وأنا أشاهد مبنى مجلس النواب أنه لم يتزين فقط لحضور الرئيس لحلف اليمين الدستورية لولايته الثانية، وإنما تزين أيضا لأرواح الشهداء التى كانت ترفرف حوله.
أجواء تعود بنا كمصريين لحضارتنا التى ظلت وستظل عصية على الأعداء والمتآمرين.
فالمبنى العتيق وسط تلك الأجواء الاحتفالية كان مزيناً فى أبهى صوره لهذا الحدث الذى غاب عنه منذ 13 عاماً من أداء القسم أمام البرلمان، إذ كان آخر يمين دستورية للرئيس الأسبق حسنى مبارك عام 2005.
ونعود لزينة مبنى البرلمان، حيث تم تزيين القاعة الرئيسية للبرلمان، هذا غير الانتهاء من طلاء واجهة المجلس ومبانيه والشوارع المحيطة بمقر البرلمان والشوارع المؤدية للمجلس، خاصة الشارع الذى يفصل بين مجلس الوزراء والبرلمان.
وكان الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، أستاذ القانون الدستورى والإدارى بجامعة عين شمس رئيس مجلس النواب الحالى، الذى أنتخب فى 10 يناير 2016م قد تأكد بنفسه من كل التفاصيل التى انتهت تقريباً يوم الجمعة الماضى، حيث سيتولى الحرس الجمهورى، مهام تأمين المجلس من الإدارة العامة لشرطة مجلس النواب التابعة لوزارة الداخلية، بعد أن انتهى من مراجعة إجراءات أعمال تأمين المجلس، وتنظيم عملية الدخول والخروج، وغيرها من الإجراءات اللازمة لعملية التأمين.
وانتهت الأمانة العامة لمجلس النواب من تنظيم إجراءات دخول الأعضاء، خلال جلسة حلف اليمين، حيث سُمح بدخولهم من البوابة رقم «3»، ونبهت على الأعضاء بضرورة الحضور قبل بدء الجلسة بأربع ساعات، مع عدم السماح بالدخول بسيارة أو سلاح شخصى أو هاتف محمول.
ومنح مجلس النواب موظفيه والعاملين به إجازة رسمية، تسهيلًا للإجراءات الأمنية، على أن يتم استئناف العمل مرة ثانية يوم الأحد الموافق 3 يونيو، تزامنًا مع انطلاق الجلسة العامة للبرلمان.
واطمأن أن جميع أعضاء البرلمان وصلوا إلى قاعة الاحتفال قبل الموعد بالإضافة إلى جميع الوزراء، وفى مقدمتهم رئيس الحكومة، وشيخ الأزهر والبابا تواضروس، وكذلك عدد من كبار الدولة والشخصيات العامة وضيوف البرلمان المدعوين لحضور الجلسة التاريخية.
واستقبل الرئيس كلا من الدكتور على عبدالعال، والوكيلان السيد الشريف وسليمان وهدان، والأمين العام للبرلمان المستشار أحمد سعد الدين، ورؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب، وائتلاف دعم مصر، واصطف الجميع خلال عزف الموسيقى العسكرية السلام الجمهورى، واصطحب الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب الرئيس السيسى إلى قاعة البرلمان لأداء اليمين الدستورية لولاية ثانية.
وافتتح عبدالعال الجلسة الخاصة بحلف اليمين الدستورية، وشهد مجلس النواب تصفيقاً حاداً فور دخول الرئيس.
وكانت مظاهر احتفاء النواب بالرئيس معبرة عن حبهم للسيسى، ففور دخول الرئيس للقاعة، كان هناك تصفيق حاد من النواب ترحيبًا بالرئيس، وردد النواب هتافات «تحيا مصر، وبنحبك يا ريس».
ومع بداية الجلسة الخاصة للقسم، قاطعت النائبة آمال طرابية، كلمة الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، لتعبر عن فرحتها بوصول السيسى للمجلس، قائلة: «لولاك كنا فى معسكرات اللاجئين».
وتابعت حديثها أيضا: «ربنا يحفظك ويبارك فيك.. يا رب.. ولولاك كنا زمنا فى معسكرات اللاجئبن»، فيما صفق الأعضاء له وسط أحاديث النواب: «ربنا يحفظك يا ريس».
كما قاطع النائب فيصل الشيبانى كلمة عبدالعال ليردد هتافات «بنحبك ياريس، ربنا معاك».
الدكتور على عبدالعال انتظر فى أعلى قمة المنصة دخول الرئيس ليؤدى اليمين أمام نواب الشعب.
وفى الخارج تحلق طائرات الهليكوبتر حاملة الأعلام المصرية فوق ميدان التحرير ومجلس النواب، احتفالا بتنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيسا للولاية الثانية.
وبعد دخول الرئيس والترحيب به من كل من كانوا فى القاعة، ألقى الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، خطاب الهيئة الوطنية للانتخابات الخاصة بإعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية 2018.
ورحب الدكتور على عبدالعال بالرئيس عبدالفتاح السيسى، تحت قبة البرلمان، الذى أعد كلمة قوية ألقاها فى هذه الجلسة التاريخية، التى قال فيها: إن مجلس النواب مرآة الشعب وضميره، الذى أدرك بوعيه وحسه أن تجديد الثقة فى قيادتكم صار ضرورة ملحة للعبور بمصر إلى مرفأ الأمن والأمان.
كان خطاب رئيس البرلمان وثيقة تؤسس لحقيقة عمل السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية، وآليات عمل البرلمان مع الرئيس ومدى التوافق بين مؤسسة الرئاسة والبرلمان، بما يضع مصر على المسار الحقيقى للاستقرار والتنمية، وهى كلمة تاريخية، كما كانت بحق سرداً لنجاحات الأيام الماضية، التى شهدت تحديات كبيرة للوطن.
كما ضرب الدكتور على عبدالعال المثل فى كيفية رؤية السياسة الخارجية للدولة المصرية، وظهر ذلك واضحًا، حينما قال للرئيس السيسى: «ترفعتم عن الدخول فى معارك إعلامية مع أى دولة»، وهى إشارة إلى أن سياسة مصر الخارجية مبنية على الترفع عن الصغائر.
واختتم رئيس مجلس النواب حديثه قائلًا: «مجلس النواب يدرك عظم المسؤولية، وسوف يتعاون مع كل السلطات لتحقيق المصلحة العليا، وتفعيل كل ما يحقق التنمية».
رئيس البرلمان كان واضحا فى طرح أفكار المجلس، الذى تحمل المشاق الدستورية والقانونية، فى ظروف سياسية صعبة، وكان مظهر نواب البرلمان مشرفاً، ويحمل رسائل أن لدينا سلطة تشريعية تعى مخاطر الوطن وما يواجهه من مؤامرات خارجية.
وخلال كلمة الرئيس وكلمة رئيس البرلمان صفق النواب والحاضرون نحو 20 مرة فى هذه الجلسة الخاصة.
البرلمان ظهر أمام العالم كله بشكل معبر ولائق، وكان البرلمان فى أهبة الاستعداد لاستقبال رئيس الجمهورية، وأظهر حلف اليمين أمام العالم كله بشكل مشرف يفخر به كل مواطن مصرى.
هى مصر صاحبة الحضارة التى ضربت جذورها فى أعماق التاريخ والجغرافيا 7000 سنة، الآن نستمد منه مستقبلنا بقرار مستقل وفق إرادتنا الوطنية.