لم يكن الجواهرى، شاعر العرب الأكبر، الذى تغنى بنهر دجلة فى أجمل قصائده، يعلم أن يومًا سيأتى على الناس وهم يعبرون نهره المفضل سيرًا على الأقدام، بعدما تفاجأوا ذات صباح أنه اقترب من الجفاف، تفاجأوا رغم كل التحذيرات العالمية من أزمة مياه قد تكون سببًا فى نهاية العالم، لكنّ العراقيين معذورون فى ظل انشغالهم بلملمة آثار الإرهاب، والبحث عن تشكيل متوافق للحكومة يُرضى التركيبة السياسية المعقدة التى أفرزتها الانتخابات، بينما اعتاد الجار التركى جمع المكاسب على حساب أشلاء الجيران، وعملية ملء سد «إليسو» التركى لم تكن فقط سببًا فى عطش يهدد سكان بغداد والموصل، لكنها أثبتت للعراقيين أن الدولة حين تصبح فريسة ضعيفة يسهل على الضباع التقافز حولها والنهش فى أطرافها، أو كما قال الجواهرى أيضًا:
يا دجلة الخير شكوى أمرُها عجبٌ إنَّ الذى جئت أشكو منه يشكونى
ماذا صنعتُ بنفسى قد أحقْتُ بها ما لم يُحقْهُ بـ(روما) عسفُ (نيرون)