من تابع أو يتابع التكهنات والتحليلات التى اندلعت على صفحات التواصل، فيس وتويتر حول التغيير الوزارى، يمكنه أن يعرف من أين تأتى الشائعات والإخبار المضروبة.
وقد خرج عدد من العالمين ببواطن كل شىء وطفقوا ينشرون قوائم كاملة بأسماء الوزراء من تأكيدات وتحليلات و«تنبيطات»، وبعد إعلان الأسماء نكتشف أن إخوانا العالمين مصادرهم غالبا تهجيصات المحللين الخبراء.
ثم إن التكهنات أو أغلبها لم تتوقع مثلا تغيير وزيرى الدفاع والداخلية، وعموما فإن التكهنات والافتكاسات ليست أمرا جديدا، وحتى قبل مواقع التواصل كانت دائما هناك عمليات الرغى العام فى خطوط التليفون الأرضى ما قبل الموبايل.
كان هناك دائما عالمون ببواطن الأمور لكن الواقع أن مواقع التواصل كشفت بشكل أكثر عمقا حالة «عبده مشتاق»، وأصبح بعض المشتاقين الكبار يسارعون بتسريب أسمائهم وحشرها فى أى تشكيل وزارى، ومع التكرار يصبح هناك أسماء لمشتاقين يوضعون دائما فى قوائم الوزراء المرشحين فى التكهنات. وأعرف عددا لا بأس به من المشتاقين ترشحوا فى شائعات مسربة وصدقوا الكذبة، وأصبح بعضهم يقول بكل جرأة أنه ترشح للمنصب الفولانى ورفضه وهو أصلا لم يكن أكثر من تسريبه هو نفسها سربها.
وعموما الاشتياق أحيانا يصبح مشروعا حتى لو لم يكن المشتاق يمتلك خبرات، خاصة وهو يرى مرات كثيرة مسؤولين يتم ترشيحهم ويتضح بالممارسة أنهم بلا خبرات ولا قدرات ومع هذا يستمرون لبعض الوقت، وهناك وزراء يدخلون الوزارة ويخرجون منها ولا أحد يتذكر أسماؤهم أو وجوههم.
ظاهرة ما بعد 25 يناير تعددت الوزارات والوزراء وتولى بعض الوجوه السياسية ذات القدرات الكلامية مناصب لكنهم غرقوا فى دهاليز البيروقراطية ودخل بعضهم وخرجوا من وزارات مختلفة ولم يقدموا ما يذكر الناس بهم، ثم إن الوضع فى المنصب يختلف عنه قبل أو بعد، تولى بعض الاقتصاديين أو الخبراء مناصب وزارية لم ينجحوا خلالها فى تنفيذ ما كانوا يطرحونه قبل الوزارة أو المنصب، وعلى العكس ظهرت أسماء مجهولة نجحت فى إثبات نفسها.
غالبا لا توجد تفسيرات أو معلومات تبرر اختيار فلان أو إبعاد علان من المنصب، والعوامل التى تحكم بقاء الوزير فى منصبه متعددة ومتنوعة وتدخل فى الكثير من التقاطعات والتداخلات فى اختيار المسؤول، وهناك مرشحون يرفضون تولى المناصب وهى ظاهرة تكررت كثيرا فى فترات سابقة، ثم إن الاختيار أحيانا يقوم بناء على كثرة الظهور فى الإعلام أو الإلحاح على المشاهدين والمتفرجين، وقدرة المشتاق على تلميع نفسه.
فيما يتعلق بحكومة الدكتور مصطفى مدبولى، بالنظر إلى عدد الوزراء الذين تم تغييرهم يمكن القول إنه تغيير واسع، خاصة أنه شمل وزارتى الدفاع والداخلية، بما قد يعنى تغييرات فى السياسات الأمنية وتطوير الأداء، مع الأخذ فى الاعتبار أنه تم توجيه الشكر لوزيرى الدفاع والداخلية السابقين.
لكن فى السياق العام لا تختلف الحكومة الجديدة كثيرا عن حكومة المهندس شريف إسماعيل، وقد تولى مدبولى تسيير الأعمال فى غياب المهندس شريف إسماعيل.
وبالتالى لا يتوقع تغيير كبير فى السياسات الاقتصادية التى بدأت مع حكومة شريف، وأيضا الاستمرار فى التوسع العقارى، ومشروعات النقل والطرق، والعاصمة الجديدة، ويبقى هناك أمل لدى قطاعات من المواطنين بأن تكون هناك ثمار يمكن جنيها للإصلاح، وأن تكون هناك صمامات جديدة للحزم الاجتماعية، بما يخفف الضغط على الطبقة الوسطى، وهنا يأتى الحديث عن دور السياسة التى يفترض أن تتوفر فى الفترة القادمة.