لا شك أن من لم يتعلم أو اقتصر مشوار التعليم ولم يكمله أو أهمل فى تعليم نفسه قد أخطأ فى حق نفسه اليوم وهو يرى نفسه بلا وظيفة أو يرى نفسه فى وظيفة ضعيفة لا تدر دخلا إلا قليلا ولا تكاد تلبى احتياجا . وفى بلدنا الحبيبة كثيرون بلا وظيفة وبلا حرفة ولم يصيبوا حظا من التعليم ، وربما لم يجدوا فى أنفسهم شجاعة كافية لبدء التعلم والدراسة أو تعلم حرفة مطلوبة على كبر ، ناهيك عن كون التعلم على كبر أمر جد شاق .
ولا يجد الكثيرون من هولاء عملا ولا وظيفة تعينهم على سد رمقهم والقيام بمسؤولياتهم الأسرية لمن كان منهم رجلا أو امرأة تعول أسرة . فقد يوفر لك التعليم فرصة عمل لا تدر الكثير ، ولكن القليل خير من اللاشىء . وقد تدر عليك الحرفة قدرا شحيحا ، ولكن القدر الشحيح أعز وأكرم من الفقر ومن العوز . والأيام تقسو على الناس فى كل مكان فى الدنيا ، لأن الشعوب فى ازدياد مستمر والبشر يتكاثرون فوق فرص أقل . وقد يكون من الضرورى ألا نترك شريحة كبيرة كهذه الشريحة دون مزيد من العون ، بتوفير فرص عمل .
قد تكون هناك مشاريع وطنية يمكن لها أن تفتح صدورها لاستيعاب طاقات كبيرة من الأيدى العاملة التى تحتاج إلى تدريب مناسب لتبدأ تلك الأيدى عملها وتجنى بعض المال وتقدم بعض المساعدة إلى أنفسها والى من قد تعول .
ومن هذه المجالات التى قد يمكن النظر اليها : تشجير المدن والقرى ، ورصف الطرق فى المدن والقرى وربما بعض مشاريع تجميل الشواطئ وتنظيفها ومشاريع جمع القمامة ومشاريع فرز القمامة وتصنيفها إلى مواد بلاستيكية وأخرى زجاجية وأخرى ورقية وخلافه .
والمشاريع المشار اليها قد تحتاج إلى أيدى عاملة كثيرة وفى جميع مناطق الجمهورية . فمن المهم بمكان أن تمتد شبكات الطرق إلى داخل المدن والقرى وألا تقتصر الطرق المرصوفة على المحافظات الكبيرة ومدنها . فالطرق المعبدة أساس من أساسيات الحياة المرتبة المنتجة وليست رفاهية . وليس من المعقول أن يستمر الناس فى سلوك طرق غير معبدة تهلك السيارات والوقت والمال والجهد وتعيق حركة الانتاج وترفع تكلفته وتعيق جهود الانقاذ عند وقوع الحوادث وتعجز محاولات النفاذ المرضى عند الحاجة إلى الطوارئ. كما أن نظافة الشواطئ عمل حقيقى وهام ومطلوب وما أكثر شواطئنا التى تحتاج إلى عناية ونظافة وتجميل .
إن تشغيل الأيدى غير المدربة فى بعض المشاريع التى قد تحتاج – ولو مؤقتا - إلى أيدى عاملة لا يعد مكافأة لمن لم يحرص على التعليم وإتقان مهنة معينة ولم يحرص على الاشتغال بحرفة ما ، لأن أجرة العامل قد تعينه على الحياة ولكنها لن تكون أجرة سخية - بالنظر إلى بساطة المهمة الموكلة إلى العامل – ولكن يلزم أن يكون هذا التشغيل بداية لمراحل تأهيل مهنى لمن يصلح من تلك الأيدى العاملة حتى تخف كثافة الأيدى العاطلة غير المدربة من ناحية ، ويعم شعور وطنى عام بحتمية التعليم وحتمية التقاط الحرف كوسيلة أصيلة للحياة.
أن توفير فرص عمل – دون التقيد بمناطق إقامة المواطن – وإتاحة فرص التدريب على مهن وحرف متباينة – حسب قدرات المواطن – قد يحتل الأولوية على سلم الأولويات ، لكبر شريحة الأيدى غير المدربة العاطلة وشمولها فئات عمرية متباينة ومختلطة الجنسين وحاجتها إلى الحياة أكثر من حاجة البعض إلى الاستمرار فى وظائف ومناصب حكومية جديدة بعد سن المعاش .