لا توجد قضية أهم من الصحة والعلاج تحتاج إلى الكثير من الجهد والبحث لتشخيصها، والتعرف على ماتعانى منه فعلًا. وأهم ما فى الطب هو تشخيص المرض بناءً على الأعراض، وبالاستعانة بالأشعة والتحاليل. ومشكلات الصحة والعلاج ليست وليدة اليوم وهى نتيجة تراكمات وتداخلات على مدى عقود. وكل وزير أو وزيرة للصحة كانوا يتعاملون مع ماهو قائم فى محاولة للتحسين، بينما يظل المرض الأساسى قائم. لقد توالى على وزارة الصحة تنويعة من الوزراء، لكل منهم اتجاه، وربما يكون الأمر ليس فقط قضية وزير بقدر ماهو قضية دولة، مثل التعليم، حيث لا يتغير بتغير الأفراد وإنما يحدث تراكم كمى وكيفى يحدث التغيير.
وإذا كنا نتحدث عن ملف الصحة والعلاج هناك حاجة إلى منظومة تختلف عما هو قائم، خاصة مع الحديث عن البدء فى تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل فى محافظات القناة أولا، وحتى الآن لم يتم تطوير المنشآت الطبية التى يفترض أنها سوف تقدم الخدمة الطبية.
نظام التأمين الصحى الشامل كما هو وارد فى القانون يعطى الحق لكل مواطن فى الحصول على خدمة طبية بناءً على اشتراك شهرى للقادرين، وتتكفل الدولة بسداد اشتراكات غير القادرين والذين يمثلون شريحة واسعة، وهناك رسوم مباشرة على السجائر والصناعات المختلفة وتراخيص السيارات وغيرها، يمكن أن توفر تمويلًا للتأمين الصحى.
وإذا كان الأمر يبدأ بتأهيل المستشفيات والمؤسسات الطبية يفترض الاعتراف بأن نظام العلاج الحالى مختلط، تتداخل فيه كالعادة كل أنظمة العلاج لدينا مستشفيات عامة ومركزية تتبع وزارة الصحة، وأيضًا مؤسسة علاجية ومستشفيات تتبع هيئة التأمين الصحى، ثم المؤسسات الخاصة، والأهلية، والعيادات والمستوصفات الخيرية وكل منها لها نظامها.
وفيما يتعلق بتكاليف الكشف والعلاج ترتفع بشكل دائم، ويتراوح سعر الكشف لدى الأطباء الكبار بين 300 إلى 1000 جنيه، من دون الدواء، وهى أرقام لا يقدر عليها أغلبية المصريين، والمستشفيات الخاصة لها أسعارها وفواتيرها الضخمة التى تقصم ظهر أى مريض حتى لو كان مستورًا.
بعض المؤسسات والنقابات توفر لأعضائها العلاج كاملا أو بنسبة، وهناك شركات ومؤسسات لديها أنظمة تأمين صحى، كل هذه الجهات يفترض أن توضع فى الاعتبار أثناء تطبيق التأمين الصحى الشامل، هناك حاجة إلى دراسة كل هذه التجارب والأنظمة العلاجية حتى يمكن التوصل إلى تشخيص لوضع الصحة والعلاج، كمقدمة لبناء منظومة جديدة تتلافى أخطاء الماضى.
وزير الصحة الدكتورة هالة زايد، تتحدث عن ربط إلكترونى بين المؤسسات الطبية، واستخدام التكنولوجيا فى تسهيل الاتصال والتواصل. وهى خطوات مهمة تسهل العمل.
وطالما نتحدث عن تطوير المنظومة الطبية قد تكون هناك حاجة للاستعانة بالنقابات والخبراء والأطباء الكبار أصحاب التجارب الناجحة، سواء كانت أهلية أو عامة لتشخيص الوضع على الطبيعة وحساب عدد الأطباء بالنسبة للمرضى وعدد الأسرة وطواقم التمريض والأدوية.
ولاشك أن إشراك نقابات الأطباء والصيادلة وكبار الأطباء الذين قادوا وأسسوا مستشفيات أهلية يمكن أن يفيد فى تشخيص، ومن ثم البدء فى وضع تصور بعيدًا عن السوابق التى كانت تبدأ وتنتهى عند الوزير، وتغرق فى دهاليز التراكمات والجمود، والازدواجية.