ينشغل الجميع بفعاليات كأس العالم المقامة حاليا فى روسيا، فكل شىء مسخر لها، الميديا والناس، معظم الناس يكتفون بالمشاهدة والفرح أو الحزن، لكن الله يرزق البعض أفكارا عظيمة تتجاوز ذلك، تكون متعلقة بالمتاح من هامش الحدث، وبالتالى هى تحقق نجاحا وتترك أثرا ومن ذلك ما فعله موقع برتغالى متخصص فى الثقافة والأدب.
هذا الموقع أطلق ما أسماه «مونديال الأدب» فعلى غرار جدول مباريات كأس العالم 2018، نظم منافسة أدبية بين كبار كتاب العالم، وذلك وفقا لجدول مباريات المجموعات، وقدم 16 مباراة، بـ32 كاتبا يمثلون الدول المشاركة فى مباريات كأس العالم 2018.
وما تهمنا بالطبع هى المجموعة الأولى، حيث جاءت مباراة السعودية وروسيا، والتى تنافست فيها الكاتبة رجاء الصانع والكاتب فيودور دوستويفسكى، وانتهت بفوز رجاء الصانع، وفى مباراة مصر وأوروجواى، كانت المنافسة بين نجيب محفوظ وإدواردو جاليانو، وانتهت بفوز نجيب محفوظ، لتبقى المنافسة فى المباراة المقبلة بين أديب نوبل نجيب محفوظ، ورجاء الصانع يوم 30 يونيو، وبعدها تتواصل المنافسة.
الفكرة تتجاوز الشو، وتفتح الباب أمام قراءة للأدب العالمى ومعرفة بعض كتابه الذين لا نعرفهم، وفى الوقت نفسه تؤكد أن ما يعرفه العالم عنا وعن أدبنا متفاوت، فإن كان الكاتب العالمى نجيب محفوظ قد مثل مصر فى هذا المونديال فإن رجاء الصانع هى التى مثلت السعودية، ورجاء الصانع لمن لا يعرفها هى كاتبة رواية «بنات الرياض» وقد صارت بسبب ترجمة الرواية من المشهورات لدرجة أن هذا الموقع الأجنبى لم يختر مثلا «عبده خال» أو «محمد حسن علوان» ليمثل أى منهم أدب المملكة، لكنه اعتمد على «الشهرة» من وجهة نظره فإن الجالسين أمام الشاشات الزرقاء، هم من يصنعون الفارق الثقافى الآن مثلما يصنعون الفارق الكروى والفنى وغير ذلك من المجالات.
لا أنكر أن الفكرة رغم غرائبية بعض الاختيارات قد أعجبتنى، لأنها تطرح فكرة الاستفادة قدر الإمكان من المتاح، فكثير من الناس، أغلقوا الباب واعتقدوا أن هذا الشهر «كروى» محض ولا مجال فيه لثقافة أو غيره، بينما القائمون على الموقع البرتغالى، كانت لهم وجهة نظر مختلفة مفادها أن كل شىء يمكن له أن يتقارب.
هذا التقارب كان مفتاحه «المنافسة» وفى الحقيقة لم أكن أنتبه لهذه الفكرة بهذا الوضوح من قبل، فالإطار العام الذى تضعنا فيه «منافسات المستطيل الأخضر» هو الصراع والبقاء قدر المستطاع بالقرب من الكأس الذهبية، وعليه فشكرا للموقع البرتغالى الذى أكد أن المنافسة لا تموت أبدا وأن الثقافة لا تفقد بهاءها أبدا.