ما حققه أبطالنا وبطلاتنا من ميداليات فى دورة ألعاب المتوسط بإسبانيا يشير إلى وجود بذرة مهمة يمكننا أن نرعاها لتزهر وتثمر، هناك إشادات وكلمات حماسية من جهات مختلفة ودعوات لتكريم البطلات والأبطال من قبل مجلس النواب، وبقدر ما يحتاج هؤلاء الأبطال إلى دعم معنوى ونجومية، فنحن أيضا نحتاج إليهم، أن نسلط الضوء على ما يمثله هؤلاء من قيم الإخلاص والشغف بشكل يجعلهم نماذج قابلة للتكرار.
ونؤكد أن الهدف ليس سحب البساط من كرة القدم، لكن الهدف مضاعفة حجم الفرح بهؤلاء، سعيا لأن نجعلهم نجوما وهم يستحقون قدرا أكبر من الأضواء والاهتمام، خاصة أن كلا منهم تعب على نفسه وبذل جهدا مضاعفا فى ظل إمكانيات ضعيفة وجهود ذاتية وأسرية، هذه الألعاب الفردية كالسباحة والمصارعة ورفع الأثقال والجرى والشيش وتنس الطاولة والقفز والجمباز، ليست ألعابا فردية بالمعنى الحرفى، لكنها جماعية تقوم على المنافسة، وإن كانت كباقى الألعاب لا يمكن أن تنافس كرة القدم فى الشعبية، لكنها تستحق المزيد من الدعم، ويمكن فى حالة تعميمها بالأقاليم أن تكون مجالا لاكتشاف مواهب رياضية وصناعة قدوات حقيقية للأطفال والشباب.
ولا أحد يعرف لماذا لا يهتم الإعلام بالألعاب الفردية ومسابقاتها، وهو أمر يتعلق بنا أكثر من باقى الدول التى تفرد مساحات فى الإعلام وتخصص نسبة من الدعم الرياضى لهذه الأنشطة، وهى ألعاب يمكن فى حال تنجيمها وتسليط الأضواء عليها وعلى نجومها أن تمثل عنصر جلب للاستثمارات الرياضية والرعاة والشركات.
لقد أصبح لدينا نجوم فى الألعاب الفردية، نعرف فريدة عثمان فى السباحة، وقد حصلت على ذهبيتين وفضية فى دورة إسبانيا وقبلها فى دورات أخرى، ونعرف أسماء نجوم لمعوا مثل سارة ورجب عبدالحى ومحمد إيهاب وهبة أحمد فى رفع الأثقال ونانسى طمان فى الجمباز، وهيثم فهمى وغيره فى المصارعة، وأحمد الأصفر وجيانا فاروق فى الكاراتيه، وأحمد قمر وعفاف هدهد فى الرماية، وغيرهم، حيث يتقاسم البطولات فتيات وشباب، وكل هؤلاء يستحقون أن نشجعهم ونسلط عليهم الأضواء كنجوم يمكنهم أن يساهموا كثيرا فى تجاوز التركيز على لعبة واحدة، بل إن هذه الألعاب يمكن أن تساهم فى نهضة كرة القدم نفسها لأنها توسع من دوائر المنافسة والسعى للفوز.
ومن المفارقات أن الألعاب الفردية كانت تحتل مساحات أكثر فى التليفزيون فى عصر ما قبل الفضائيات، كانت المصارعة الحرة تشغل مساحات من وقت البث المحدود، ومسابقات السباحة والملاكمة، فضلا عن القفز بالزانة ورمى القرص والجلة، والجمباز ورفع الأثقال، وكانت هذه المسابقات تصنع نجوما يسلط عليها الإعلام الأضواء، لكن مع تضاعف الفضائيات لم تعد هذه الألعاب تحظى بأى تركيز، ثم إن لاعبى الفرديات دائما كانوا يتعرضون للظلم والتجاهل وبعضهم حقق بطولات واشتهر بالخارج أكثر من الداخل.
هناك فرصة لإحياء هذه الألعاب ودعمها بشكل يجعلها أكثر شعبية، ويضع أبطالها نجوما وأمثلة عليا فى المجتمع، ومن حق هؤلاء أن يحصلوا على النجومية التى يستحقوها، بل ويمكن أن يساهموا فى تحويل هذه الألعاب إلى أنشطة جاذبة للاستثمار الرياضى.