منذ أشهر كتبت مؤكدا أن مشروع التأمين الصحى الشامل الذى تتبناه الدولة من أهم المكاسب الإيجابية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى شرعت فيه مصر، وبالأمس أعلن السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى أمر بإطلاق المرحلة الأولى لتنفيذ المشروع القومى للتأمين الصحى، الذى يتضمن خطوات وإجراءات تمهيدية على فترات وجدولا زمنيا محددا، مستهدفا القضاء على قوائم الانتظار للمرضى بالجراحات والتدخلات الطبية الحرجة خلال فترة ستة أشهر، وإطلاق مشروع تطوير المستشفيات النموذجية بإجمالى 47 مستشفى بجميع محافظات مصر، والتابعة لوزارة الصحة والمستشفيات الجامعية وتوفير المخزون الاستراتيجى من ألبان الأطفال والأمصال واللقاحات، المسح والعلاج الشامل لفيرس c بإجمالى 45 مليون مواطن مصرى بالاشتراك مع كبرى الشركات الدوائية، وذلك خلال عامين، الانتهاء من تجهيز وميكنة محافظة بورسعيد من حيث الإنشاءات والتجهيزات وإعداد القوى البشرية، وحصر وتسجيل المنتفعين خلال عام، على أن يتم البدء فى التطبيق تباعا فى باقى محافظات المرحلة الأولى السويس- الإسماعيلية- شمال وجنوب سيناء.
هذا خبر من أهم ما يمكن أن يطالعه الواحد فى أيامنا هذه، وفى الحقيقية، فإن الإعلان عن بداية إطلاق هذا المشروع العظيم يعد من وجهة نظرى أكبر إنجازات الرئيس عبدالفتاح السيسى، فلا شىء أكثر أهمية من صحة المواطن المصرى، كما أننى فرحت كثيرا بأن المرحلة الأولى لميكنة المستشفيات وتحديثها شملت محافظات القناة وسيناء، فمن ناحية يستفيد صانع القرار ومنفذه من تطبيقه على عدد سكان قليل نسبيا، وبالتالى يسهل رصده وتجويده، ومن ناحية أخرى يحصل أبناء هذه المحافظات على بعض حقوقهم التى كانت غائبة لأننا نصب غالبية المكاسب على المحافظات الكبيرة.
فى إبريل الماضى، كتبت معلقا على مداخلة الدكتور محمد معيط، وزير المالية الحالى، وقت أن كان نائبا لوزير المالية لشؤون الخزانة العامة، فى مؤتمر البنك الدولى، وقلت إنه لو تحقق بالفعل ما قاله «معيط» فإن هذا سيعد أهم وأكبر ثمار الإصلاح الاقتصادى الذى أجرته مصر مؤخرا، بل إنى لا أغامر أبدا إذا قلت إن هذا المشروع سيعد من أهم المشاريع المستقبلية التى تقوم بها مصر، فلا شىء أغلى على الإنسان من صحته، ولا شىء أكبر تأثيرا من أن ترى ابنك أو أباك أو أمك وهم يعالجون بشكل علمى حقيقى، ولا شىء أهم فى حياة الشعوب من أن يخضعوا لرعاية مسؤولة من دولة تخاف على صحة شعبها وتحفظها، ولو كان الأمر بيدى لوضعت بندا فى القسم الجمهورى يؤكد على التزام الرئيس والوزراء والمحافظين وجميع رؤساء الهيئات الذين يؤدون اليمين الدستورية بأن يقسموا على حماية وعى الشعب وصحته وثقافته جنبا إلى جنب مع القسم بحماية الوطن وسلامة أراضيه.
أمنية واحدة كنت أتمنى تحقيقها فى المرحلة لهذا المشروع هو كفالة الدولة توفير حضانات الأطفال ناقصى النمو والمصابين بالأمراض المختلفة، ولا أعلم إن كان الوقت قد فات على إدراج هذه الأمنية فى المرحلة الأولى أم لا، فلا شىء فى العالم يساوى حيرة أب فقير أمام ابنه الرضيع، ولا بد أن توصل الدولة رسالة للشعب أنها تعتنى بأطفالها منذ اليوم الأول لولادتهم، فهل فات أوان التمنى؟