وأخيرًا ظهر الانقسام بوضوح بعدما ألغى دونالد ترامب المرشح للرئاسة الأمريكية عن الحزب الجمهورى مؤتمره الانتخابى الذى كان من المقرر انعقاده ليلة أمس فى ولاية شيكاغو، وبعد نصف ساعة من موعد بدء المؤتمر قرر ترامب الانسحاب وقبل صعوده على مسرح جامعة "إلينوى"، فيما كانت الإصابات والاعتقالات التى تحدث خارج مكان انعقاد المؤتمر بين مؤيديه ومعارضيه تشتعُل وأسفرت عن أكثر من 49 اعتقال.. أنها السياسة التى يعلم ترامب قواعد لعبتها الدعائية، ويعلم كذلك أن انسحابه الليلة الماضية هى ورقة رابحة ولازمة لتحقيق النجاح السياسى والمضى قدمًا فى إظهار أن له مؤيدين يتنافسون ويتصارعون من أجل أفكاره حتى وإن كانت "مُحرِّضة" لكنها تجعل الصفقة كبيرة ومليئة باللكمات لمنافسيه، وأن نتائج الاقتراع السابقة فى الانتخابات التمهيدية ليست طفرة حققها من قبل لتتلاشى أو لم تكن حقيقية منذ البداية، فالعنف غير المسبوق فى تاريخ الحملات الانتخابية يبدو مناسبًا فى نظر بعض الذين كرهوا أداء أوباما وحاولوا إلغاء شرعيته التى يعتقدونها أنه لم يكن ليستحقها لأنه ولد خارج أمريكا، لاسيما السلبية وكأنه يصنع طوَّق النجاة لأمريكا فى هدوء.
إن ما حدث بالأمس أصبح اليوم من الوثائق الأساسية فى حملة ترامب التى لم تصدمه مطلقًا، بل إنه كان يعلم بأمر تنظيم المظاهرات قبل موعد اللقاء بأسابيع ويعلم أن سخريته فى السابق من المسلمين وحديثه عن ترحيل المهاجرين المكسيكيين والنساء من أصل أفريقى قد تؤجج مشاعر الكثيرين، وإن الانسحاب شىء من الحكمة جعل منه عاقلاً عندما يتطلب الأمر اتخاذ القرار، وهذا يبرر لماذا يريدون ترامب.
هذا السيناريو قاله أوباما عندما تحدث عن استيائه من تصريحات ترامب العنصرية، لكن الأيام المقبلة سوف تثبت نوايا الأمريكيين أنفسهم لأنهم يحتاجون إلى بعض الوقت لاستيعاب هذا التغير الجذرى فى حرب الانتخابات حتى وإن انتظر الجميع إلى أن ينتهى الأمر بأحد المرشحين بالفوز فى المراحل المتأخرة من الجدول الزمنى وهو الأرجح.