لم يكن إلقاء السلطات التركية القبض على الداعية الإسلامى المزيف "عدنان اوكتار" المتهم بتكوين مافيا بهدف الاتجار بالمخدرات والأطفال والفتيات، تحت ستار أنه يدعو إلى أفكار دينية جديدة وإصدار فتاوى تحلل الحرمات مثل التعرى والرقص والخمر، بمحض الصدفة وإنما كان مرتبا له منذ فترة بهدف إلهاء الأتراك عما وقع من عمليات تزوير فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية التى أجريت فى 24 يونيو الماضى .
ومنذ عشر سنوات ويمارس "أوكتار" من الأفعال المشينة ما دفعت الأتراك إلى مطالبة الرقابة العامة بغلق فضائية "A9" الخاصة، التى تبث جلساته التى يصفها بالوعظية فى حين أنه كان يعرض الفتيات العاريات التى ترقص عقب تلك الجلسات المشبوهة كنوع من أنواع تجديد الأفكار الدينية القديمة، تحت مرئى ومسمع من قبل السلطات التركية.
وجاء القبض على "أوكتار" صاحب كل هذا الصخب الإعلامى بهدف إلهاء الأتراك بل والأوربيين على حد سواء عن نقل السلطات بكافة أشكالها لقبضة الدكتاتور العثمانى، فبأداء "أردوغان" اليمين الدستورية رئيسا للبلاد تحولت تركيا للنظام الرئاسى الذى يجعل منه نصف إله يتحكم فى السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية ، ومن بين الصلاحيات التى منحها لنفسه إعلان قانون الطوارئ فى البلاد من دون العودة إلى البرلمان .
والهدف كذلك من القبض على "أوكتار" هو التعتيم على مذبحة الجنرالات، عندما أمر الدكتاتور العثمانى باعتقال 68 ضابطا من الجيش التركى منهم 22 ضباطا برتبة عقيد و27 عميد بتهمة انتماءهم لحركة الخدمة التى يتزعمها الداعية فتح الله جولن المقيم فى الولايات المتحدة والذى تتهمه أنقرة بتدبير تحركات الجيش قبل عامين، لتكون أكبر حملة اعتقالات منذ ليلة 15 يوليو 2016 .
كما وجهت السلطات اتهامات رسمية لأكثر من 50 ألف شخص من دون دليل وظلوا رهن الاحتجاز قيد المحاكمة، فيما يتهم منتقدوا "أردوغان" باستغلال محاولة تحركات الجيش كذريعة لسحق المعارضة.
ويأمل "أردوغان" بعد القبض على "أوكتار" أن ترتفع أسهمه عند الأتراك، ولا سيما أنه فاز فى الانتخابات بـ53 % بعد تسويد وتزوير البطاقات، فى حين روج حزبه العدالة والتنمية قبل التوجه للاقتراع بأنه سيحصل على أكثر من 80% من أجمالى الأصوات.
وأمام سياسة الإلهاء التى يمارسها أردوغان مع الأتراك، والترويج لانجازات وهمية ومغازلة البسطاء بالدفاع عن الدين تارة، وترويج بضاعة التنمية الراكدة بفعل السقوط الذى يعانى منه الاقتصاد التركى، يظل الرهان على وعى الاتراك وحده هو الرهان الكاسب مهما طال الأمد.. فبضاعة الطغاة، فاسدة حتى وإن راجت لبعض الوقت.