نحن لا نتعلم من أخطائنا ولا نتعلم من دروس الأزمات وتأتى طريقة تعاملنا مع الأحداث كرد فعل فقط وننتظر حتى تقع الكارثة فيصيبنا الهلع والارتباك وتسود العصبية والتوتر بياناتنا وردود أفعالنا.
مازلنا نتعامل مع بعض القضايا مثلما كنا نتعامل فى الماضى، صراخ وزعيق وسن الكلمات وامتشاق السيوف الخشبية على طريقة الممثل الجميل عبدالفتاح القصرى «لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم»، ثم عندما تذهب السكرة وتأتى الفكرة وتهدأ الأصوات الزاعقة والكلمات الرنانة نجد أنفسنا أمام الأمر الواقع، ومطالبين بالتعامل بجدية معه.
هذا ما حدث بالضبط مع قضية مقتل الطالب الإيطالى فى مصر، وصدور بيان البرلمان الأوروبى الذى حرض ضد مصر، خاصة بعدما أعدت مجموعة «Verts/ALE» أو ما يعرف بمجموعة «الخضر، والحلفاء الأوروبيين الأحرار»، داخل البرلمان الأوروبى مشروع قانون تمت صياغته لحث الحكومات الأوروبية على اتخاذ إجراءات عقابية ضد مصر، والمطالبة بوقف المساعدات إلى مصر، وكذلك تعديل قانونى التظاهر والإرهاب.
أخطأنا عندما تركنا وزارة الداخلية وحدها للتعامل مع الأزمة ببيانات مرتبكة ومتناقضة، دون تشكيل فريق إدارة أزمة من كل الجهات المعنية للتعامل مع القضية، وبحث تداعياتها الداخلية والخارجية، سواء على مستوى العلاقات الثنائية مع إيطاليا والشعب الإيطالى، أو مع أوروبا، ثم اتخاذ إجراءات عاجلة لاستيعاب ردود الفعل حول القضية.
هذه هى المشكلة والمأساة، فى كل أزمة نترك الطرف أو الجهة المعنية مباشرة وحدها وإدارة ظهورنا لها، وتركها تغرق وحدها حتى تتفاقم الأزمة، ونجد أنفسنا أمام كارثة تتطلب تضافر الجهود. وكما قال السيد عمرو موسى إن علينا التعامل بجدية مع بيان البرلمان الأوروبى لأن الأمر ليس بالسهولة التى نتخيلها، وحسنا فعل البرلمان المصرى بعد هدوء الزعيق والضجيج والصراخ بضرورة بحث تشكيل وفود من البرلمان ومسؤولين بالخارجية لتوضيح حقيقة الأوضاع فى مصر.
نواب فى البرلمان أكدوا على أن المجلس بصدد تشكيل وفد دبلوماسى لمخاطبة البرلمان الأوروبى حول الإجراءات التى ينوى اتخاذها ضد الدولة المصرية، ومواجهة الأكاذيب التى روجتها جماعة الإخوان فى الخارج ضد مصر، فيما أوضح بعض النواب أن هناك ضرورة أن يشمل الوفد أعضاء بالخارجية المصرية ووزارة الداخلية، وكذلك شخصيات حقوقية معروفة، وهناك من طالب بعقد جلسة خاصة للبرلمان لبحث هذا الأمر خلال الأيام المقبلة، وأن يتم بحث هذه القضية شكلًا ومضمونًا، ودعا آخرون الخارجية المصرية وسفراء مصر بالخارج للقيام بدور أكثر جدية وفاعلية وتأثيرا فى شرح وتوضيح كل الأمور التى مازالت ملتبسة على الجانب الأوروبى.
وبغض النظر عن رأينا فى أن النتائج التى توصل إليها البرلمان الأوروبى متعجلة، ولم تنتظر انتهاء التحقيقات فى قضية مقتل الطالب الإيطالى، وأن الاتهامات التى وجهت لمصر مُبالغ فيها، وتحمل قدرا كبيرا من التحامل، إنما لابد من التحرك الموضوعى والعقلانى السريع، وتشكيل فريق أزمة لشرح أبعاد القضية، وتوضيح الحقائق كاملة أمام أعضاء البرلمان الأوروبى والرأى العام هناك.
والفرصة مواتية أيضا مع زيارة وفد البرلمان الدولى للقاهرة، حاليا لشرح موقف مصر وأبعاد القضية ومؤامرة الإخوان وانصياع البرلمان الأوروبى لما جاء فى بيانات التنظيم الدولى.
علينا أن نتعلم من أخطائنا ومن دروس الأزمات الداخلية والخارجية، ونتعلم من قضية الطالب الإيطالى، لابد من تشكيل فريق إدارة أزمات على أعلى مستوى يستطيع التعامل الموضوعى والسريع مع الأزمات.