الفارق شاسع بين قرار تقليد وزير دفاع مصر رتبة فريق أول، من تحت قبة جامعة القاهرة، الأقدم عربيا وأفريقيا، وبأيدى أبنائها، أمس الأول السبت 28 يوليو 2018 فى إطار فعاليات المؤتمر الوطنى للشباب، وبين خطاب باراك أوباما تحت نفس القبة فى 2009 وحفل تنصيب محمد مرسى العياط، رئيسا، فى يوم أسود من تاريخ مصر الناصع، فى 30 يونيو 2012.
مشهد تقليد الفريق محمد زكى، رتبة فريق أول، مبهج، وعبقرى، وأعاد شحن بطاريات الانتماء والوطنية، بقوة، وبعث برسائل مدهشة فى الداخل والخارج..!!
الرسالة الأولى: التأكيد على أن الشعب والجيش، نسيج واحد، متماسك وقوى، وعصى على كل من يحاول أن يقطعه، أو يخترقه، والحقيقة أن مصر عبارة عن جيش جعلت له السماء وطنا منذ بدء الخليقة، وأول شاهد أثرى سرد تاريخ تأسيس الأسرة الفرعونية الأولى «صلاية نارمر» سجلت الملك «مينا» موحد القطرين، يقود جيشه ويلقن الأعداء الآسيويين درسا قويا.
ومن تلك اللحظة تشكلت علاقة خاصة جدا بين المصريين وجيشهم الباسل، تختلف عن كل علاقات الشعوب فى مختلف دول العالم، بجيوشها، ومهما كانت براعة الأدباء والكتاب والشعراء، وعبقريتهم فى الوصف، فإنهم لن يستطيعوا التوصل إلى توصيف يليق بمكانة ومقام علاقة المصريين بجيشهم والعكس، من شكل ومضمون وعمق العلاقة، والثقة الكبيرة المتبادلة، والاحترام العظيم بينهم..!!
لذلك، فإن قرار الرئيس عبدالفتاح بتدشين هذا المشهد، المبهج، بقيام شباب مصر بتقليد وزير دفاع مصر، رتبة فريق أول، ثم يصدق عليه بملامسة يديه على كتفى وزير الدفاع، إنما يقول بوضوح ودون لَبْس: «الشعب قرر، والرئيس صدق..!!».
الرسالة الثانية: إزالة آثار خطاب الرئيس الأمريكى باراك أوباما، فى بداية فترة رئاسته الأولى، عندما قرر أن يضحك على العالم الإسلامى بشكل عام، والعرب بشكل خاص، بترديد عبارة «السلام عليكم» باللغة العربية، والتى استهل بها قبل إلقاء خطابه من تحت قبة جامعة القاهرة عام 2009، وهو الخطاب الذى صدر ما أطلق عليه كذبا وبهتانا «ثورات الربيع العربى» لإسقاط الدول العربية، وزرع ودعم التنظيمات الإرهابية، لتنفيذ مخطط التقسيم وإثارة الفوضى ودفعت ثمنه غاليا مصر وسوريا واليمن وليبيا وتونس، وكان المسلسل سيستمر ليطول طول الخليج..!
الرسالة الثالثة: إزالة البقع السوداء التى التصقت بجدران الجامعة فى 30 يونيو 2012 عقب إقامة حفل تنصيب محمد مرسى العياط، رئيسا للبلاد، فى يوم أسود من تاريخ مصر، صدر كميات ضخمة من الطاقة السلبية للإجماع الشعبى، أصابتهم بحالة كآبة وحزن شديد، ولم يصدقوا، أن جماعة الإخوان الإرهابية، تمكنت من قصر الاتحادية، وستحكم مصر، لإعادتها إلى عصور الظلام، والتخلف..!!
ولم يصدق المصريون حينها، وهم يَرَوْن فى هذا الحفل، كل من كانوا تحتضنهم أسوار السجون، وصدرت ضدهم أحكام بالسجن المؤبد، لارتكابهم جرائم إرهابية، يجلسون فى الصفوف الأولى مع رجال مؤسسات الدولة الشرعية، متصدرين المشهد، وتلتقط صورهم كاميرات الفضائيات، ومراسلو الصحف ووكالات الأنباء، فى مشهد، دراماتيكى، يتصادم مع كل قواعد العقل والمنطق..!!
وإذا وقفنا أمام اختيار باراك أوباما، جامعة الفاهرة فى 2009 ليلقى خطابه والذى لم يمر عامان بعده فقط، حتى اندلع الخراب العربى، وبين حفل تنصيب محمد مرسى العياط فى 2012 نتوصل بكل سهولة ويسر، إلى أن هناك عوامل ربط جوهرية بينهما، ويؤكد للأعمياء قبل المبصرين، أن حفل تنصيب محمد مرسى، نتيجة طبيعية، لما تضمنه خطاب أوباما..!!
ولذلك، تنطفئ داخل الصدور كل نيران الأسئلة الملتهبة، عن السر وراء الدعم اللامحدود الذى قدمه باراك أوباما لجماعة الإخوان الإرهابية، والتمسك بشرعية مرسى حتى الزفير الأخير، ولولا قوة تماسك الشعب وجيشه العظيم فى 30 يونيو و3 يوليو 2013 لاستمر الإخوان، وسيطروا على البلاد، وأعادوها إلى أحضان العثمانيين، كولاية تابعة..!!
الرسالة الرابعة.. موجهة إلى الخارج، من خلال تصدير اليأس والإحباط لكل المتآمرين، سواء كانوا دولا من أمثال قطر وتركيا، أو أعداء مترقبين مثل إسرائيل وأمريكا، بالتأكيد على أن كل مخططاتهم ومؤمراتهم الساعية لشق الصف بين الشعب المصرى وجيشه، تمهيدا لإسقاط الوطن فى وحل الفوضى، ستتحطم، ولن يكتب لها النجاح يوما، مهما بح صوت قناة الجزيرة الحقيرة، وقنوات الإخوان وأبواق أردوغان، بإذاعة أفلام ووقائع مفبركة وكاذبة تسىء للجيش المصرى..!
هذه الرسائل الأربع، مجرد اختصار لرسائل عديدة تضمنها مشهد تقليد وزير الدفاع رتبة فريق أول تحت قبة جامعة القاهرة، وبأيدى أبنائها، لا يسعها هذا المقال، أو عشرات المقالات.
ويبقى أمر مهم، أن مؤتمر الشباب شهد استمرار رفض الرئيس عبدالفتاح السيسى، تكحيل عيون المصريين بالوهم، مصرا وبشجاعة مفرطة، على مصارحة الشعب، والتأكيد على ضرورة تناول كل أدوية الإصلاحات الاقتصادية المرة، إذا أردنا النهوض بهذا الوطن، والقضاء على العوز والحاجة..!!
نعم، أحسد الرئيس عبدالفتاح السيسى، على شجاعته، وإصراره على علاج كل آلام مصر، وإزالة أوارمها بمشرط جراح، وعدم استخدام أية مسكنات، وسط الآلاف من شباب مصر الذين تكتظ بهم قاعات المؤتمر بجامعة القاهرة، أو المتابعين لشاشات القنوات الفضائية الناقلة للحدث..!!
ويبقى أمر مهم، لابد من تقديم كل الشكر والامتنان للعقول التى تفكر، والهمم التى تنفذ فعاليات المؤتمر، وما يتضمنه من وجبات دسمة، وقوية، فى الفقرات المختلفة، واختيار عناصر شبابية قادرة على إدارة دفة الحوار بثقة كبيرة...!!