كان مفاجئًا لى أن أسمع الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو يوجه الشكر إلى الأميرة فاطمة إسماعيل صاحبة الفضل الأول فى بناء جامعة القاهرة، وذلك فى الجلسة الختامية لمؤتمر الشباب السادس.
ولعلك لاحظت أننى خلال الأيام القليلة الماضية دعوت الدولة المصرية إلى الاعتراف بفضل أسرة محمد على فى تأسيس الدولة المصرية الحديثة، مؤكدا فى مقال «صورة مصر وثورة يوليو» الذى نشر 24 يوليو الحالى أن هذه الأسرة هى صاحبة الفضل الأول فى تكون صورة مصر الحديثة، كما أكدت أيضا فى اليوم التالى فى مقال «الناصرية فى الجامع والملكية فى المتحف» أن هذه العائلة كانت مسؤولة مسؤولية مباشرة عن رعاية الفنون والآداب فى مصر، وبفضلها تم إنجاز أعظم المشاريع الثقافية وأهم المتاحف والجماعات والمعاهد والأكاديميات، أما فى اليوم الذى تلاه فقلت فى مقال «النكران لا يليق بنا» أن مسألة سلب هؤلاء الأفاضل حقوقهم لم يعد أمرا مقبولا، فجميع المنشآت التى أسسها عبدالناصر وأطلق عليها اسمه مازالت مكتوبة باسمه، وكذلك السادات فلماذا ننكر على العائلة الملكية هذا الفضل، ولماذا لا نبجل أسماء الملك فاروق والملك فؤاد والأميرة فاطمة إسماعيل بعمل تمثال لها فى ساحة كلية الآداب مثلا، أو أمام المكتبة المركزية؟ وهو ما أشرت إليه فى مداخلة تليفونية مع إحدى قنوات التليفزيون.
كان مفاجئًا لى أن أسمع السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو يبعث السلام والتحية إلى هذه السيدة العظيمة التى باعت مجوهراتها من أجل أن تنشئ الجامعة التى سيتعلم فيها نجيب محفوظ، وسيدرس فيها طه حسين، وسيتخرج منها آلاف العباقرة، وكأن الرئيس يرد على مقالى «النكران لا يليق بنا»، ويقول لى نعم النكران لا يليق بنا وها أنا ذا أعترف لهذه السيدة بالفضل، وذات الأمر ينطبق على الأمير يوسف كمال، الذى أسس كلية الفنون الجميلة والأكاديمية المصرية بروما، والملك فؤاد المؤسس الثانى لجامعة القاهرة ومعهد الموسيقى العربية، وراعى مؤتمر الموسيقى العربية الذى وضع أسس النهضة الموسيقية فى العالم العربى، ونقل الموسيقى العربية من مرحلة الارتجال والشفاهة، إلى مرحلة التقعيد والتعملق.
هنا أنتهز الفرصة وأدعو الدكتور محمد عثمان الخشت، إلى عمل مسابقة بين فنانى مصر لإنشاء تمثال للسيدة فاطمة إسماعيل حفيدة الخديوى إسماعيل، ومؤسسة جامعة القاهرة الأولى، على أن يوضع هذا التمثال فى أحد موضعين، إما فى كلية الآداب التى أسستها ورعتها وأوقفت عليها الكثير من أموالها وأطيانها، أو أمام المكتبة المركزية ليشاهدها كل من يذهب إلى قاعات البحث فتخلد فى ذاكرة الجميع، بصورتها كما خلدت فى كتب التاريخ بأعمالها.