كتبت مقالاً عقب انتهاء مباراة النادى الأهلى ونظيره تاون شيب، بطل بتسوانا، فى بطولة رابطة الأبطال الأفريقية التى أقيمت بالقاهرة، وحقق فيها نادى القرن فوزا كبيرا، قلت فيه، نعم، فاز الأهلى، نتيجة، ولكن الأداء كان باهتًا، وضعيفًا، ولا يطمئن، وظهرت نفس الوجوه، التى نفد رصيدها الفنى والبدنى بفعل الزمن وتقدم العمر، أو بفعل الانشغال بالبحث عن المغانم، والحصول على الأموال..!!
وتساءلت حينها أين ناصر ماهر وأحمد حمدى وأكرم توفيق وصلاح محسن، وهو رباعى رائع، يتمتع بقدرات مهارية وبدنية كبيرة، خاصة صلاح محسن، المهاجم الذى أشعل نار الأسعار وأحدث فتنة، بين نجوم الفريق، وأثار لعاب أندية مثل مصر المقاصة وسموحة وإنبى، فى بيع لاعبيها بمبالغ خيالية، وتحقيق مكاسب كبرى أنعشت خزائنها.
صلاح محسن الذى أحرز ثلاثة أهداف فى المباريات الثلاث التى خاضها مؤخرا مع المنتخب الأولمبى، بمعدل هدف فى كل مباراة، يجلس احتياطيا، لمؤمن زكريا، الذى لم يقدم شيئا يذكر فى المباريات الثلاث، لا هجوم ولا دفاع ولا تمرير، بل ومُكبل لأداء زملائه فى الملعب، وهى الملاحظة التى أشار إليها كل من تابع أداء النادى الأهلى خلال المباريات الثلاث الماضية!!
نعم، كل المحللين والنقاد والجماهير، أجمعوا على أن مؤمن زكريا لاعب «عالة» على الفريق، إلا العبقريين محمد يوسف وكارتيون، ولو مدربو الفرق المنافسة طالبوا المدير الفنى للنادى الأهلى ببخلق ثغرة خطيرة فى فريقه، ليتمكنوا من استثمارها والفوز على الأهلى، لن يجدوا كنزا وغنيمة مثل ثغرة الدفع بمؤمن زكريا فى التشكيل الأساسى، مما دفع البعض إلى التساؤل: ما سر الدفع بمؤمن زكريا أساسيا فى المباريات رغم أنه لا يقدم شيئا يذكر وهل هناك «واسطة» قوية ونافذة تجبر الجهاز الفنى على الدفع به فى المباريات مهما كان أدائه؟!
الحقيقة، أن ظهور ناصر ماهر وهشام محمد بمستوى متميز فى مباراة الأهلى أمام الإسماعيلى مساء أمس الأول، يدفعنا إلى التأكيد بأن هناك مشاعر شخصية تتدخل وتتحكم فى التشكيل الأساسى للفريق، وأن اللعب بالواسطة!! فهل يعقل أن ناصر ماهر يجلس على الدكة ويُستبعد من القائمة الأفريقية، رغم ظهوره بهذا المستوى الرائع؟! كما يتم استبعاد أحد أبرز المواهب الكروية، صلاح محسن فى حين يتم الدفع بالعشوائيين، مؤمن زكريا وإسلام محارب؟
ظنى، المدعم بمعلومات، أن محمد يوسف، هو المتحكم فى إدارة دفة الأمور الفنية لفريق الأهلى، مستغلا ضعف شخصية الفرنسى «كارتيرون»، وبما أن محمد يوسف ليس لديه أى ثقافة كروية تذكر، ولا يمتلك أى مساحات من خيال أو إبداع، ويفتقد القدرة على التقييم، ولم يكن يوما من اللاعبين الصفوة، أو المدربين أصحاب البصمة الفنية فى كل الفرق التى دربها من قبل، فكانت النتيجة أن الأهلى فقد أبرز مميزاته على الإطلاق وهو اللعب الجماعى والكرة القصيرة والنقل السريع والجمل التكتيكية، وانتقل على يد يوسف وكارتيرون إلى الكرة البالونية، المرسلة من الخلف إلى الأمام، فى تحول دراماتيكى من اللعب على الأرض بالأقدام، إلى اللعب فى الهواء وكأنه فريق من المظللين، القافزين من الطائرات..!!
والدليل الدامغ أيضا على أن محمد يوسف عقيم التفكير، وبليد وقليل الحيلة فى قراءة الملعب ما صنعه فى فريق بتروجيت العام الماضى، عندما تقلد المسؤولية الفنية للفريق البترولى، واعتمد على لاعبين كبار السن، وعشوائيين، مثل عشوائية مؤمن زكريا وإسلام محارب، ومروان محسن وعمرو السولية، فكان مصير الفريق أنه صارع من أجل الهبوط، ولولا إسراع الإدارة بإقالته والاستعانة بطارق يحيى، لكان بتروجيت فى غياهب المظاليم.
ورأينا، طارق يحيى، كيف استغنى عن كل اللاعبين العشوائيين وكبار السن من فاقدى القدرة الفنية والمرونة البدنية، واستعان بلاعبين صغار السن، من ناشئى النادى وأندية القسم الثانى، واعتكف الموسم الحالى على إعدادهم بدنيا وفنيا، فوجدنا فريقا رائعا يؤدى بشكل متطور، فى مباراته أمام الزمالك فى افتتاح بطولة الدورى، وأحرج أرباب الفانلة البيضاء أيما إحراج، وكان بإمكان الفريق البترولى أن يخرج منتصرا انتصارا مدويا على أبناء ميت عقبة بثلاثة أهداف على الأقل..!!
هنا يتضح الفارق الشاسع بين مدرب يتمتع بعين ثاقبة وقريحة فنية وقدرة على التقييم، وتنحى المشاعر الشخصية جانبا، وأن اختياراته للعناصر التى يخوض بها المباريات قائمة على القدرة والأداء الفنى والتكتيكى والبدنى، فكان النجاح حليفه، وهو طارق يحيى، وبين مدرب عشوائى وبليد تتحكم فى اختياراته الأسماء والمشاعر الشخصية، فظهرت بصمته المدمرة للفريق، وهو محمد يوسف..!!
محمد يوسف، يسيطر على أذان وعيون وعقل كارتيرون، وإقناعه بالدفع، بأسوأ لاعبى الدورى العام بلا منازع، مؤمن زكريا وإسلام محارب وعمرو السولية، والاعتماد على لاعبين من دار المسنين يتمثل فى أحمد فتحى وحسام عاشور ومروان محسن، ثم وهو الأخطر، اللعب بطريقة عشوائية غير مفهومة، وأجمع «كل».. نعم «كل» من شاهد أداء الأهلى فى مبارياته الثلاثة الماضية، أن الفريق أصبح عشوائيا، مهلهلا، لا عقل له، بجانب، وهو الأهم، التدهور البدنى الخطير لأعضاء الفريق، ولا نعرف ماذا يفعل مدرب الأحمال الهولندى؟ وهل التونسى «أنيس الشعلالى» مدرب الأحمال السابق كان أكثر كفاءة منه؟ وهل اختيار كارتيرون كان خطيئة من ضمن خطايا مجلس الإدارة الحالى، بأدائه البطىء، والاستعانة بعقول تقليدية عقيمة تدير الأمور بنفس أفكار الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى، ولا تعى التطور المدهش، والسرعة الفائقة وفقا للوحدة المحاسبية «فيمتوثانية» فى إنهاء الصفقات وحسم الملفات العالقة، وعدم إدراك أن من يريد البقاء على القمة، عليه أن يأخذ بأدوات الحاضر وأنياب المستقبل، لا أن يعتكف فى «صومعة» تسيطر عليها حالة من الانهزامية والبكائية على أمجاد الماضى..!!