فجأة اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى، وأضاءت مؤشرات الترندات والأخبار الأكثر بحثا، إيه اللى حصل؟ انفجار نووى؟ هجمات إرهابية على أوروبا؟ جليد القطب الشمالى ساح وهيغرق نصف الأرض؟ أمريكا عملتها وأطلقت قوات عسكرية للسيطرة على الفضاء الخارجى؟ اكتشاف حقل نفط عملاق فى الصحراء الشرقية يتيح إنتاج 5 ملايين برميل بترول يوميا ويحل مشاكلنا مع الطاقة والسيولة النقدية؟ استقالة مجدى عبد الغنى من اتحاد الكرة ؟ أمال إيه اللى حصل؟ قالك حلا شيحة خلعت الحجاب وهترجع تمثل تانى!
خناقات وصويت وعياط وزغاريد وفرحة وجروبات بتتأسس ترحيبا بالفنانة العائدة، وجروبات بتقفل حزنا وغما على هروبها من معسكر الالتزام، وتلميحات فى المعسكر الرافض الباكى اللاطم المقطع هدومه، وتلميحات عكسية فى المعسكر الفرحان اللى بيزغرد ويرحب بالمكسب الكبير اللى استعادته السينما المصرية من فم الإخوان والسلفيين، شوية يقولوا لها اتقى الله ارجعى للطريق القويم ولا تتولى بعد أن ذقتى حلاوة الإيمان، وشوية يقولوا لها، الحمد لله إنك رجعتى بالسلامة، مجموعة تسألها: هتمثلى إزاى بعد ما كنتى ملتزمة؟ ومجموعة تانية تطمئنها: إنتى إضافة كبيرة للسينما والتليفزيون.
خطر على بالى على طول، عبارة سعد زغلول «مفيش فايدة»، فعلا الناس دى اللى مشغولة بحجاب حلا شيحة لبسته ولا قلعته، هتمثل ولا هتعتزل، ومضيعة وقتها فى الهرى والجدل الفارغ ومحاولة فرض الوصاية على إنسانة عندها عقل ومكلفة وربنا هيحاسبها، ممكن فعلا تبنى بلد أو تحقق التنمية أو حتى تفتح مشروع خاص وتنجح فيه؟ العالم التافهة المشغولة بأدق التفاصيل الشخصية للآخرين وتنطلق منها لإصدار أحكام ووصايا وتوجهات وتنط من التفصيلة الشخصية إلى القضايا العامة فى تفلسف ممجوج وغبى ولا يحمل إلا أعراضا لمرض نفسى، مش ممكن تعمل حاجة ناجحة فى حياتها ولا حتى تعترف بالقيم الأساسية الثابتة لدى الأمم المتحضرة ومنها قيمة الخصوصية.
عندنا قضايا مهمة جدا ممكن نتكلم فيها ونقدم فيها مقترحات تنفع الجميع، مثلا الناس اللى عندها تجارب لمشروعات صغيرة ممكن تنفذها ربات البيوت، وهى فى بيتها لتعمل وتزيد دخلها، إزاى نحل مشكلة الزبالة فى الشوارع؟ هل بالتوعية أم بالتكامل بين الأهالى والحكومة أم بإنشاء مصانع أهلية فى كل حى وقرية لتدوير القمامة أم بعودة زبالين الزمن الجميل! إزاى يبقى عندنا عشرات اللاعبين الموهوبين فى دوريات أوروبا زى محمد صلاح، هل مثلا اللى عنده ابن موهوب فعلا وتحت الـ18 يروح بيه لوكيل لاعبين ولا يسافر بيه على أوروبا ولا يدور على شركات تسويق؟ الجمعيات الأهلية اللى شغالة فى خدمة المجتمع وعددها أكتر من أربعين ألف جمعية، هل فكر حد مننا يسأل عن الجمعيات اللى فى الحى بتاعه ويعرف نشاطها؟ وإزاى يتطوع ولو بساعة من وقته لخدمة أهالى الحى بدل الهرى على السوشيال واللعب ع الموبايل والانشغال بخصوصيات الآخرين؟
يا عالم يا هوه، لازم كل واحد منكم يقف قدام المرايا آخر اليوم ويسأل نفسه، ماذا أنتجت اليوم؟ ماذا حققت اليوم؟ ماذا أضفت اليوم؟ كيف أضعت 24 ساعة كاملة من عمرى؟ كيف خسرت يوما كاملا من الرصيد المخصص لى؟ أنت وأنا وهم وهن، سنعيش أياما محدودة مهما طالت وهى تسير فى اتجاه واحد، تتناقص تدريجيا ولا يمكن استعادتها، فعليك أن تسأل نفسك عما تفعل بوقتك وجهدك وأيامك، ما الذى تحققه لتجعل أيامك المقبلة أكثر راحة وإبداعا وسعادة؟ أم أنك تقضى وقتك فى الهروب نحو ما يخص الآخرين لتنسى أنك متكاسل وفاشل وتافه ولا تعمل شيئا مفيدا لنفسك على الأقل.