تقديم: العصر الحديث يموج بأحداث وحوادث متلاحقة وشرور متطورة بأساليب غير تقليدية نتج عنها طفرة هائلة فى ثوابت المفاهيم الدينية والدنيوية، على حد سواء نتيجة للتداخل ومحاولة البعض زعزعة هذه الثوابت، مطالبين بضرورة مواكبة العصر الحديث المتطور على الدوام، لذلك وجب علينا توضيح هذا اللبس والاقتراب من المشهد أكثر لندرك حقيقة الأمور وليس خيالها.
الخطاب المسيحى: يطلق عليه فى الكنيسة «العظة» وهى تقابل الخطبة فى صلاة الجمعة، وفى الكنيسة على مدار السنة يتم توزيع القراءات من الكتاب المقدس بعهديه الجديد والقديم فى نظام ثابت لا يتغير، وبالتالى فإن العظة تتشكل وتتناول هذه القراءات الثابتة. والنوع الثانى من العظات يترتب على الأصوام الكنسية ومناسباتها المختلفة وهى ما يطلق عليها «النهضات» فيتم دعوة المؤمنين لحضور صلاة خاصة تقام مساءً وتسبق الأعياد الكنسية «الميلاد، القيامة، العذراء؛ الرسل.....» وتكون هذه العظات غير محددة الموضوعات بل متنوعة وتتناول المبادئ والمثل والقيم المختلفة فى المسيحية وعلى سبيل المثال- نهضة العذراء بها عظات توضح فضائل ومكونات شخصية العذراء مريم؛ وكذلك نهضة الصوم الكبير عن موضوعات روحية عميقة، نظرا لأهمية هذا الصوم، وهكذا بالنسبة للرسل تتحدث عن شخصيات الرسل أو أعمالهم وبالمثل أعياد القديسين تشمل قصة حياتهم وجهادهم وتعاليمهم... إلخ المشكلة: ما ذكرناه بالمقدمة وهو حدوث أمور سيئة للغاية وقد تكون مدمرة للكنيسة وللمجتمع نتيجة تصرف أخرق أو أحمق أو متهور لشاب أو فتاة مع طرف آخر مختلف الديانة فى علاقة عاطفية، ومثلها تصرف مرضى لهجوم إلكترونى على معتقدات الآخرين، وهذه التصرفات الفردية تتكرر فى غياب الوعى بل والعقل أيضا. وبالمثل أثناء وجود قاعة فسيحة بقرية أو حتى نجع صغير فتحوم الشبهات حولها وهل هى مشروع غير شرعى لبناء كنيسة فى الخفاء ؟ هنا تحدث الكارثة.
الحل: ببساطة يشمل الخطاب الدينى المسيحى جانبين مهمين للغاية الأول: ضرورة مواكبة الخطاب لظروف المكان والمجتمع والبيئة المحيطة، سواء فى قرية أو مدينة صغيرة أو كبيرة، وجه قبلى أو بحرى أو مدن ساحلية.. فى جميع هذه الأماكن ومع وجود مختلف ثقافات الشعب المسيحى يجب ولزاما شمول الخطاب المسيحى لهذه المتغيرات وتناولها بعمق لذلك فإن هذا الشق من الخطاب الدينى مختلف من كنيسة إلى أخرى ومن مدينة إلى أخرى، ويشمل تفاصيل وأمثلة وإقناعا وتوعية متجددة ومتطورة، وهنا الجانب الثانى للتطوير ويتجلى خلال تنمية مهارة الواعظ فى ربط ما سبق بالجانب الروحى الثابت لأنه مرتبط بقراءات اليوم من الإنجيل.
أمثلة: حدثت بالفعل جاءت قراءات القداس الإلهى عن ذهاب يوسف النجار والعذراء إلى بيت لحم للاكتتاب الذى نادى به الوالى فى تلك الأيام وكانت المصادفة قرب موعد الانتخابات فى مصر وانتهز الكاهن الفرصة وتحدث عن تعب العذراء مريم وهى حامل فى أيامها الأخيرة ومشقتها فى سفر طويل لتؤدى الواجب القومى بالاكتتاب فى عشيرتها الأصلية، لذلك فالكتاب المقدس يدعونا ويحثنا إلى تأدية الواجب الوطنى فى ضرورة المشاركة فى الانتخابات والإدلاء بأصواتنا فى أمانة وبدقة وإهتمام شديد، ومثال آخر فى قراءات بولس الرسول الذى نقرأ رسائله بالقداس الإلهى يوميا وبها من آليات يمكننا ربطها بالأحداث الجارية مثلما «يحذرنا من شبه الشر» وهو ما يقابل المبدأ الإسلامى «الحذر من مستصغر الشرر» وهى صالحة لإسداء النصح لبعض أولادنا المتهورين والمنخرطين فى علاقات غير شرعية وننبه وندق جرس الإنذار قبل حدوث الكارثة ومثلها محاربة الشائعات ووجوب التحرى والتدقيق فى كل الأمور وعدم التسرع فى إطلاق الأحكام وهذا ما ذكره لوقا البشير «تتبعت كل شىء بالتدقيق» وغيرها من الآيات تساعد على ترسيخ المبادئ السامية لدى الأذهان، كنوع من الوقاية والحكمة لمعالجة المشاكل المفاجئة.