دفاعاً عن البابا

أصبحنا نعلم تماما أن لكل مشكلة حلين، الأول هو أن نعتمد على سذاجة الناس فنبحث عن كبش فداء صغير «يشيل القضية» لندفن به كل ما يمكن أن يقال وكل ما يمكن أن يثار، والثانى هو أن نعتمد على حماسة الناس واندفاعهم، فنصعد الأزمات ونضخمها ونطالب بقطع أكبر رأس فى المجال الحاصل فيه الأزمة، لكننا فى العادة لا نبحث عن أساس المشكلة ولا عن حل مستديم لها، كما لا نهتم بوضع منظومة آلية تحارب الأخطاء قبل وقوعها أو تحاسب المخطئ الفعلى عنها بعد حدوثها ليكون العقاب رادعا لمن تسول له نفسه الوقوع فى الخطأ. هذا ما يحدث غالبا فى كل القضايا التى تثير شهية الرأى العام بالمتابعة والتحليل، وتزداد الأزمة سخونة إذا ما كانت تمس أحد أفرع التابوه الثلاثة «الجنس أو الدين أو السياسية»، وتلتهب الأزمات أكثر وأكثر إذا ما تضافرت أفرع التابوه الثلاثة فى أزمة واحدة، بأن يكون مرتكب المخالفة أو الجريمة رجل دين له حيثية سياسية متورط فى قضية جنسية أو أخلاقية، وهنا تعمى الأبصار والقلوب أيضا، وتعم الثورة وتتضخم، وتتصاعد الشائعات، وتتكاثر الأقاويل، وتتضاعف التعليقات والتحليلات والتخمينات، وفى هذه الفوضى العارمة والمشاعر المراهقة- أو المغرضة- ننسى كل فضيلة ونتعامى عن كل فضل. الثورة المشتعلة الآن فى أوروبا على البابا فرانسيس بابا الفاتيكان خير مثال على هذا، فقد تكالبت الصحف على هذا الرجل الوديع المسالم المتسامح لمجرد وقوع عدة أخطاء أو جرائم من رجال دين تابعين لكنيسته فى أنحاء متفرقة من العالم، ففى كنيسة «تشيلى» أزمة وفى أستراليا أزمة وفى الولايات المتحدة أزمة، وبعض هذه الأزمات «جنسية» تورط فيها قساوسة أو رهبان، الرأى العام يميل دائما إلى الإطاحة بالمتهمين، والبابا لا يريد أن يظلم أحدا، ولهذا يمنح المحققين فترة أطول فى التحقيق، وفى قلبه ميل إلى عدم تصديق هذه الشبهات حول رجال هجروا متع الدنيا من أجل الحياة الأبدية، مدركا أن أى نار تنبعث حول الكنيسة ستلقى بدخانها إلى الداخل، وأن أى نار تنبعث داخل الكنيسة ستلقى بدخانها إلى الخارج، والحكمة تقتضى إطفاء النار من جذورها بعد التحقق والتثبت من أسس المشكلات، هذا كله يتم وفق إدراك حقيقى بأن كل ابن آدم خطاء، وأن رجال الدين فى الحقيقة هم بشر، يخطئون ويصيبون، ينحرف البعض منهم، ويصلح البعض الآخر، فلا يضر الدين أبدا أن ينحرف أحد رجاله لأننا بشر، ومثلما يحدث فى الإسلام يحدث فى المسيحية ويحدث فى اليهودية ويحدث فى البوذية، لأن الطبيعة الإنسانية واحدة، فى أوروبا كما فى آسيا، وفى مصر كما فى الفاتيكان.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;