ليس دفاعًا عن الزند لكن أن يقال بسبب "زلة لسان" على حد تعبيره وأنا أراها بالفعل كذلك وقد اعتذر عنها وأرى أن هذا كان يكفى، وفى نظرى أن هناك ما هو أهم بكثير من هذه الواقعة وكان يستوجب الإقالة إذا كانوا فاعلين؛ وحين يكتمل المنظر العبثى بأن يصبح سيادة المستشار وزير العدل الأسبق عرضة لأن يكون مهددًا بمواجهة تهمة ازدراء الدين فإن هذا لشىء يدعو للقلق بل ويدق ناقوس الخطر، فنحن شعب نقول الكلمة لا نلقى لها بالاً والكل معرض لأن يقع فيما وقع فيه السيد المستشار ما يجعلنا لسنا فقط فى حاجة إلى مراجعة لغتنا ومفرداتنا التى لا نحاسب عليها إلا حين نتصيد الأخطاء لمن نريد الإيقاع بهم والنيل منهم لأنهم لا يروقون لنا!
ولكنَّا فى حاجة أيضًا إلى مراجعة قوانيننا وحساباتنا! لأننا إذا حاسبنا كل مصرى أخطأ فى حق الدين ورموز الدين بعمدٍ أو بغير عمد، بمناسبة أو بغير مناسبة إلى أن يتهذبوا ويهذبون مفرداتهم التى يتشدقون بها ليل نهار لا إراديًا والأمثلة كثيرة؛ وبالمناسبة هذا يحدث فى كل الدنيا وليس فى مصر فقط، فتلك طبيعة البشر التى جبلوا عليها وهى كثرة اللغو والسفسطة؛ سيلقى الجميع فى مصر خلف جدران السجون، ذلك غير أننا قد اعتدنا أن نتربص بناس دون ناس فى ازدواجية لا يمكن تجاهلها! فلو أن أطفالاً مسلمين أو حتى مسيحيين قدموا فيديو يحاكون فيه قداسًا كنسيًا بصورة كاريكاتورية هزلية؛ وكثيرًا ما يحدث هذا فى مصر كما فى كل الدنيا من المسيحيين أنفسهم؛ فهل يلقون فى السجن بتهمة ازدراء الدين المسيحى؟ لا أظن! لأن قانون ازدراء الأديان قانون غير واضح التوصيف يتربص بالبعض وعلى الرغم من ذلك لا أحد منه فى مأمن فلا تدرى نفسٌ متى يدركها الدور!
ثم دعونا نكون موضوعيين فالعقل والمنطق يقولان إن فى بلد فيه حرية عقيدة وبه أكثر من ديانة إن اتباع كل دين ينظرون لرموز الدين المخالف لهم على أنهم كاذبون آفاقون وإلا لأمنوا به فهذا شىء لا يحتاج ذكاءً فلو آمن اليهود أن مريم عذراء لكانوا مسيحيين ولو آمن المسيحيون أن محمدًا صادقٌ لكانوا مسلمين! فهل هناك ازدراءٌ لدين أكثر من التكذيب وعدم الاعتراف به؟ أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين! إذا فلتحاكموا الدنيا كلها من غير المسلمين إن استطعتم فإنهم كذبوا بمحمد (ص) علانيةً ولم يسروا بذلك! أو لتقبلوا الواقع الذى لا مفر منه وتتعايشوا معه ولتحترموا حرية الاعتقاد وفلتنسفوا هذا القانون المطاط الذى لا أفهم له معنى ولا أعرف له توصيفًا .
* أستاذ بطب قصر العينى.