لو أردنا أن نتحدث عن الملكية فى الإسلام ، يجب أن نؤكد على أنها لا تتم إلا بسلطة الشرع الذى يهب حق الملكية بترتيبه على أساس السبب الشرعى.
فقد جاء فى بعض التعريفات "أن الملك حكم شرعى ، مقدر فى العين أو المنفعة ، يقتضى تمكين من يضاف إليه من انتفاعه بالشىء ، وأخذ العوض عنه".
وذلك أن الأصل فى المال – أنه مال الله – وبنو الانسان مستخلفين فيه ، وكل إذن بتخصيصه لا بد أن يصدر عن تشريع المشرع (الله) ، حقيقة أو حكماً .
ثم يأتى دور العمل هنا ، فالعمل هو الوسيلة الوحيدة لنيل حق التملك فى الدين الإسلامى ، العمل بكافة أنواعه وأشكاله ، أما وسائل التملك ابتداء للمال التى يعترف بها الإسلام فهى :
1- الصيد : وهو الوسيلة الأولى فى الحياة الإنسانية ، فهو هواية وتجارة.
2- إحياء الموات من الأرض التى لا مالك لها : ويشترط فيه أن يتم فى ظرف ثلاث سنوات من قبل وضع اليد ، وإلا سقطت ملكيته ، وقد جاء ذلك فى الحديث الشريف .
3- استخراج ما فى باطن الأرض من المعادن (الركاز) : وهذا العمل يجعل أربعة أخماس ما يستخرج البترول والفحم والحديد ، فيميل الرأى فى الملكية إلى اعتبارها ملكاً عاماً ، لأنك إذا كنت تملك الأرض لا يعنى أنك تملك من عليها وما فيها.
4- تصنيع المادة الخامة ؛ لتفى بحاجة حيوية ، أو تحسين وظيفتها بحيث تؤدى منفعة كبرى ، وقيمة العمل المضافة واضحة فى يد هذه العملة.
5- التجارة ؛ وهى نقل الأشياء من يد إلى يد ، مما يزيد الانتفاع بالخامة أو السلعة.
6- العمل بأجر للآخرين: فالإسلام مثل كل الأديان حريص على أن يعمل كل من يستطيع بأقصى ما يقدر ، متمتعاً بالرضى النفسى والاكتفاء المادى الذاتى ، حيث قال رسولنا الكريم "اعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه".
7- الغزو والغنيمة: وينشأ عنه ملكية السلب ، وهو كل ما مع القتيل المشرك الذى يقتله مسلم مؤمن فى الدفاع عن الدين الاسلامى ، " واعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ ولِذِى القُرْبَى والْيَتَامَى والْمَسَاكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ إن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ "(الأنفال 41).
8- إقطاع الأرض: والتى لا مالك لها ، مما آل إلى بيت مال المسلمين (السلطة) من المشركين (المعتدى) الذين لا ورثة لهم ، فالإمام وليّهم ، أو من الأرض الموات التى لا مالك لها.
9- الحاجة إلى المال لحياة: فقد شرع الاسلام صرف أموال الزكاة فى وجوه ثمانية معينة ومعروفة.
10- شتى صور العمل: التى تتجدد وتتمثل فى بذل جهد عقلى أو عضلى ، ويستثنى منها بطبيعة الحال السلب والنهب ، والغصب والسرقة ووضع اليد ، والمقامرة واليانصيب ، وما إليها.
وتمشياً مع نظرة الاسلام فى المال ابتداء ، فإنه يتدخل فى طريقة نقل الملكية ، فلا يدع الحرية فيها مطلقة ، ويبدو هذا فى نطاق الإرث واضحاً وفى أسلوب الوصية والبيع ، وسائر العقود. أما الهبة والهدية ، فهما معفيان من كل قيد شرعى ، إلا حد الاسراف وسوء التصرف الذى قد يعرض المالك للحجز عليه ، أى لسلبه حق التصرف فى ملكيته.
• أستاذ الاقتصاد السياسى والمالية العامة – جامعة القاهرة .