أعزائى أبناء آدم.. لا أحب ما تصنعون أو ما أنتم عليه معتادون من «اسطنبات» فى بدايات الخطابات والرسائل، «السلام عليكم» لن تنفع معكم أو معى، إن قلتها أكون قد خالفت عهدى مع نفسى ومع الله ببث الشرور فى نفوسكم وفى أرضكم، وإن سمعتموها أنتم منى فلن تردوها علىَّ وتلك فرصة لن أمنحكم إياها أبداً.
أعزائى أبناء آدم.. قد أجد فى جملة الخطابات السياسية الشهيرة التى تسمعونها دائماً ضالتى.. «أيها الإخوة والأبناء»، يبدو وقعها جميلا على أذنى ويبدو استخدامها منطقيا مع تحول مصطلح «شياطين الإنس» إلى واقع لا يمكنكم إنكاره أو تغييره، ويبدو كالحقيقة الواضحة أمام عينى، كلما أنظر إلى قائمة مبدعى الشر من البشر وهم يتفقون بحيلهم وفسادهم وشرهم على أبنائى من الأبالسة والخناسين.
لا.. لا، سأستقر على ما بدأت به رسالتى، فلا السلام بيننا نافع ولا مصطلح «الإخوة والأبناء» يزرع فى نفسى المتعة مع تكرار استخدامه، فلا أنتم إخوتى حقا ولا أنتم أبنائى ولا ترتقون لأن تكونوا كذلك، وتلك مسألة حسمتها أمام رب العزة حينما رفضت السجود لأبيكم آدم، أبى البشرية، وصرخت قائلاً: «أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين».
سأخاطبكم إذن بما بدأت به رسالتى، سأخاطبكم قائلاً: «أعزائى أبناء آدم» فتلك جملة وقعها مميز على أذنى وتذكرنى كثيراً بما أقسمت به أمام ربى بأن أغويكم جميعاً حتى يوم الدين، تلك كلمات أرقص لها فرحاً كلما ذكرتنى بانتصارى على أبيكم آدم وأمكم حواء يوم وسوست لهما وأغويتهما وأنزلتهما إلى الأرض عرايا.
نعم أتلذذ بالتشفى فيكم وفى ضعفكم أمام وساوس أبنائى، نعم أتشفى فيكم حينما تسقطون فى فخاخ الخطايا والذنوب التى لم أعد أبذل جهداً فى نصبها أو أطور من مكرى لأزينها لكم.. نعم أتلذذ بهوانكم وتردى حالكم.. ولا تتعجبوا من صراحتى فى التعبير عن مشاعرى، فأنا على عكس ما تعتقدون، لا أزين لنفسى الأكاذيب مثلما أفعل معكم، نحن أعداء وخصومتنا واضحة، أنتم سبب طردى من رحمة الله، وأنا أسعى لأكون سبب وجودكم فى جهنم، تلك معركتنا وأسلحتها معروفة، أنا أزين لكم الخطايا وأتسلل إلى عقولكم بالوساوس، وأداعب الشر فى نفوسكم الأمارة بالسوء، وأنتم تطاردوننى بآيات الله والاستعاذات والجمرات، والنتيجة حتى الآن واضحة.
انتصار ساحق لى فى ما خضناه حتى الآن من جولات، أعرف أن المعركة لم تكتمل، ولكننى أستمتع بنشوة الانتصار ودلائله التى تملأ أرضكم، انظروا إلى صفحات الحوادث وراجعوا ما تفعلونه مع بعض فى الشوارع، الآباء الذين يقتلون أولادهم والأولاد الذين يقتلون آباءهم وحوادث التحرش والاغتصاب وتقارير الفساد والمال الحرام، وكل منكم يحاول أن يتذكر آخر مرة فيها ابتسم فى وجه جاره، أو قبّل يد أبيه، أو وصل رحمه، أو رفض رشوة، أو أخلص فى عمله، أو لم يلق زبالة فى شارعه، أو ترفع عن نفاق مديره، وسيعرف أن رايتى هى الأعلى فى أرض المعركة الآن، وأن النصر هو رفيقى والخسارة والفشل تصاحبكم ربما للأبد.
وأقول ربما لأننى كما قلت صريح، وأزين انتصارا غير حقيقى لنفسى فمازال بينكم من يقاوم، مازال بينكم من يذهلنى بقدرته على رد وساوسى ومحاولات أبنائى من الأبالسة فى التسلل إلى نفسه، وهؤلاء معركتى معهم طويلة، وأعلم أنها صعبة، وقد اعترفت لله عز وجل بذلك كما هو وارد فى القرآن الذى هجرتموه، وفى الأدراج والصناديق وتابلوهات السيارات نسيتموه: «لأزينن لهم فى الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين».
أعزائى أبناء آدم.. تلك رسالة لكم أجمعين، الكارهين لى منكم، والذين إلى وساوسى يستمعون، وإلى فخاخ الخطايا التى أنصبها يذهبون، رغم أنهم يعلمون جيداً أننى سأتركهم وسأبيعهم بيعا علنيا فى اليوم المعلوم وأصرخ قائلاً: «إنى برىء منك إنى أخاف الله رب العالمين»، مثلهم مثل أولئك الذين يكذبون ويغشون ويفسدون وهم يعلمون أن الكذب منّى وأنا أول من كذب ومن كذب فهو صديقى، ومن حلف بالله كاذباً فهو حبيبى، ويعلمون أن اليمين الكاذبة سرور قلبى، والغيبة والنميمة فاكهتى وفرحى، وشهادة الزور قرة عينى ورضاى.
أعزائى أبناء آدم.. لا تتعجبوا إن قلت لكم إننى عليكم مشفق، ولا تندهشوا إن قلت لكم إنى ما عدت أجد فيكم خصماً يمنحنى معركة مثيرة ومسلية، فأنتم تتساقطون فى فخاخى تساقط الذباب بسبب رشة واحدة لبيروسول أصلى وفعال، وليس من الذين تغشونه، وبه تفسدون صحة الناس وتضرون، فى الماضى كان بينكم من كنت أراه فى الشارع فأجرى خوفاً لأختفى، أتحدث عن «عمر بن الخطاب» إن كنتم إياه مازلتم تذكرون، وطبعا لا أتوقع منكم من هو مثله، فتلك مراتب أنتم عنها أبعد ما تكونون، ولكن كل ما فى الأمر أننى لم أعد أتحمل ما تضعونه فى رقبتى من ذنوب وخطايا لست عنها المسؤول، لا أنكر طبعا أننى بها من السعداء، ولكن كما سبق أن قلت لا أحب أن أنسب لنفسى من إنجازات وهمية، فلا أنا مثل أحزابكم أو وزرائكم أو أهل السياسية والسوشيال ميديا والنشطاء والنخبة الذين ينسبون إلى أنفسهم ما لا يفعلون.
أعزائى أبناء آدم.. لم أعد معجباً بفكرة كونى الشماعة التى تعلقون عليها ذنوبكم وخطاياكم، لم أعد معجباً بفكرة كونى الأصل الذى تردون إليه الشرور النابعة من نفوسكم الأمارة بالسوء، ولابد أن تعرفوا أننى ليس لى من الإضلال شىء، إنما موسوس ومزين، ولو كان الإضلال بيدى ما تركت أحداً على وجه الأرض ممن يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، صائماً، ولا مصلياً، ولا محترماً، ولا على خلق ولا شريفا، ولذلك كفوا عن وضع خطاياكم فوق رأسى وقبل أن ترمونى بالجمرات أو اللعنات اسألوا أنفسكم أولاً: ألا تستحق نفوسكم الأمارة بالسوء بكل تفوقها الشرير وكل مكرها الخبيث أن تأخذ نصيبها من الجمرات؟.. ألا تستحقون أن يكون لكم نصيب من تلك الجمرات على أعمالكم التى لا تتقنونها ولا تخلصون فيها؟
ألا يستحق هؤلاء الذين أفسدوا عليك حياتك وجعلوك على مستقبل أبنائك وأحفادك غير آمن نصيبهم من تلك الجمرات؟.. ألا يستحق هؤلاء الذين حرقوا الناس أحياء فى قطار الصعيد، وسرقوا أراضى الدولة بأبخس الأثمان وتلاعبوا بالدين وقتلوا أهلك وإخوانك من رجال الجيش والشرطة فى سيناء، وتاجروا فى قرارات العلاج على نفقة الدولة، نصيبهم من الجمرات؟.. ألا يستحق هؤلاء الذين جلعوا من الرشاوى والإكراميات دستوراً اجتماعياً نصيبهم من الجمرات بعد أن حققوا ما عجزت أنا وأبنائى الأبالسة على فعله؟.. ألا يستحق هؤلاء الذين جعلوا من الدين تجارة نصيبهم من الجمرات؟.. ألا يستحق بن لادن والظواهرى والبغدادى والقرضاوى والإخوان الذين جعلوا صورة الإسلام أكثر تشوهاً وشراً من صورى نصيبهم من الجمرات؟.. ألا يستحق من ترك جاره مريضا دون زيارة، ووالدته مريضة دون سؤال، وأخاه غاضبا دون ترضية، نصيبهم من تلك الجمرات؟
أعزائى أبناء آدم لا ترمونى بالجمرات قبل أن تسألوا أنفسكم أولاً: هل أنا أكثر شراً من هؤلاء الذين يذكون نار الحروب من أجل أرباح أكثر؟ هل أنا أكثر شراً من الذين يتاجرون بأحلام الناس؟ هل أنا أكثر شراً من أصحاب تلك المستشفيات التى ترفض استقبال الفقراء حتى لو كانت أمعاؤهم تسبقهم على الأرض؟ هل أنا أكثر شراً من الذين نشروا فيروس سى والذين يطعمونكم من زراعات المجارى؟ هل أنا أكثر شراً من هؤلاء الذين يوسوسون لك بالمغلوط من الأخبار والمعلومات بهدف إرباكك وإحباطك أو الضحك عليك ومن هؤلاء الذين يدفعون الآباء للانتحار خجلا من أيديهم القصيرة التى لا تحضر ماتبصره عيون أطفالهم؟
أعزائى أبناء آدم.. لقد تعبت من متابعة صفحات الحوادث فى صحفكم اليومية ومواقعكم الإلكترونية، فلا أنا ولا وساوسى كنا نتخيل أن ننجح فى لحظة ما فى نصب فخاخ للخطايا من نوعية اغتصاب الأب لبناته أو الجد لحفيده أو الأخ لأخته.. أعزائى أبناء آدم هذه كانت رسالتى لكم أجمعين، فاقرأوها أو قطعوها، فلا هدف منها سوى الاعتراف بأن أشراركم علىّ قد تفوقوا.. ونفوسكم الأمارة بالسوء على حيلى ومكرى وخدعى قد فازت وبشكل ساحق ومذل كما يقولون.