من المحليات يبدأ الإصلاح الإدارى وينتهى. ومن الإدارات الهندسية ينطلق أى تطوير. وهناك حاجة ماسة لإعادة صياغة المحليات فى مصر إذا كانت هناك رغبة بالفعل للانتقال إلى التنمية الحقيقية واللحاق بركب الدول الحديثة. وعندما تولى المهندس مصطفى مدبولى، رئاسة الحكومة، قلنا إن المحليات هى الملف الأهم والأكثر إلحاحًا وخطورة، ومركز أى تغيير أو تطوير فى أى ملفات أخرى، وأن حكومة مدبولى، عليها عبء إنجاز ملف المحليات بعيدًا عن الوعود السابقة، ونظن أنه جاء الوقت الذى يمكن خلاله إنجاز ملف المحليات بكل ما فيه من تعقيدات وتشابكات تستلزم الانطلاق نحو واقع جديد يمكن أن ينقلنا ويعالج الكثير من المشكلات بل والأمراض التى تسكن جسد الدولة، وتعيق أى محاولات للتغيير.
المحليات تتشابك مع جميع الوزارات والإدارات، ربما تبدو الإدارات الهندسية هى النقطة الرئيسية بما لها من سلطات على التنظيم والشوارع، وهى التى تسببت خلال عقود فى شيوع الكثير من المخالفات والعشوائيات. وبالإضافة إلى مخالفات البناء وإشغالات الطرق تأتى فوضى المرور والعلاج والأزمات وغياب الرقابة وانتشار الفساد داخل الإدارات الهندسية والأحياء والمدن.
وبمناسبة حركة المحافظين الجديدة، يبدو هناك سؤال دائم عن مصير قانون الإدارة المحلية الجديد، والذى نسمع عنه منذ سنوات بعيدة وطوال شهور ومع كل وزير جديد للتنمية المحلية يتم الإعلان عن قرب إقرار قانون الإدارة المحلية الجديد والذى يحدد صلاحيات المحافظين ورؤساء المدن والأحياء. والأهم أنه يحدد شكل وطريقة أداء المجالس المحلية الشعبية.
وقلنا إن هناك شبه إحساس لدى المواطنين بوجود عدم رغبة فى فتح ملفات المحليات أو تغيير التشريعات، بالرغم من الاتفاق على أنها وراء أغلب إن لم يكن كل المخالفات والإشغالات والفوضى. وفى حالة اقتحام ملف المحليات يمكن أن يشعر المواطن بتحسن الخدمات وتطورها وانتهاء الفساد والتلاعب والتواطؤ الذى يعطل مصالحه.
وبعد حركة المحافظين سوف تكون هناك حركة لرؤساء المدن والأحياء، ويتوقع أن تبدأ خطوات الإعداد لانتخابات المجلس الشعبية المحلية، لتكون بداية للإصلاح الإدارى الحقيقى، الذى نسمع عنه من السبعينيات.ليكون هو بداية التغيير الشامل ومواجهة البيروقراطية، وهى أفكار ظلت مجرد وعود آن الأوان لتطبيقها، ومعها القانون الجديد للوظيفة العامة وهو لم يطبق حتى الآن ولم يظهر أى فرق فى الأداء الحكومى.
المحليات هى النقطة الأساسية التى تجعل هناك فرق فيما بيننا وبين الدول الأكثر تحديثًا، لأنها تنهى المركزية وتوزع المهام وتقضى على البيروقراطية والفساد، خاصة مع ربطها بالتطورات التكنولوجية وقواعد المعلومات التى يفترض أن تنهى أى معاملات ورقية أو بيروقراطية. إن أكثر من ثلاثة أرباع الإصلاح الإدارى يسكن فى المحليات الأحياء والمدن والإدارات الهندسية، ومنها تنطلق أى عمليات تطوير أو تحديث، وهناك جهود لوزارة التنمية الإدارية لتطوير الجهاز الإدارى وأداء الوظائف، ربما ينتهى بخطوات تنهى أزمة الإدارة المزمنة.