لا حياة لمن أهدرها

بالأمس أعدت الإشارة إلى أهمية الاحتفال برأس السنة المصرية القديمة، لأن هذا الاحتفال يضيف إلى الوعى العام لدى المصريين الكثير من البهجة والفخار، وفى الحقيقة أنه ليس لنا الحق فى أن نفخر بحضارة أجدادنا، ولا أن نستفيد منها ثقافيا ومعرفيا وماديا ونحن نجهل عظمة هؤلاء الأجداد الذين أبهروا الجميع فى كل حين لدرجة أن الكثير من الحاقدين ألفوا النظريات المتهاوية لسلب إنجازاتنا منا، ولست أعرف لماذا يؤلفون تلك النظريات المتهاوية تيسيرا للسلب فى حين أننا نفرط فيها من تلقاء أنفسنا. هنا أعيد الإشارة أيضا إلى أهمية استعادة التاريخ الفرعونى وأهمية استعادة اللغات الفرعونية بداية من الهيروغليفية وحتى الهيراطيقية والديموطيقية، وقد يظن البعض أن فى مثل هذه الدعوة إزاحة «ما» للغة العربية أو محاولة لمحاربة لغتنا الحالية التى نتحدث بها ونحلم بها ونحب بها ونعبدالله بها، وفى الحقيقة أنا أبعد ما يكون عن هذا الظن، فاللغة العربية أصبحت لغتنا أيضا، ولا تعنى الدعوة إلى تعلم لغتنا «الأم»، نسيان لغتنا الحالية التى شرفها الله بأن تكون لغة القرآن ولغة أهل الجنة، تماما كما لا يعنى اكتسابك لأموال جديدة حرق الأموال المدخرة. أنتهز هذه الفرصة لأجدد الدعوة التى أطلقتها منذ أعوام لتدريس الأدب والفن المصريين فى مراحل تعليمنا المختلفة، فعلينا أن نقدم لأبنائنا شيئا ينتمون إليه، فنحن نترك أطفالنا نهبا للثقافات الدخيلة والأغراض المشبوهة والتدين الظاهرى المقيت، ثم نعود ونسأل كيف انمحت هويتهم وانطمست إنسانيتهم وأصبحوا جنودا للتطرف؟ نترك أطفالنا للشوارع المهملة والمدارس الخربة والبيوت المهلهلة ثم نندهش حينما يطلع الجيل بعد الجيل لا يؤمن إلا بالعبث، ولا يخلص إلا للفهلوة، ولهذا تقدمت إلى وزارة التربية والتعليم باقتراح بسيط فى تكلفته عميق فى تأثيره، وهو أن تبدأ الوزارة مشروعا لتحديث مناهج التعليم بما يدعم شعورنا بالهوية بالشكل الذى يجعل أطفالنا حصنًا أمام الهجمات الدخيلة التى يتعرضون لها كل يوم، فقد يدرس تلاميذنا لمحة عن التاريخ الفرعونى أو القبطى أو الإسلامى أو الحديث، لكن يظل التاريخ غير قادر بمفرده على التوغل إلى وجدان الأطفال، إذ ينساه الطفل بمجرد عبوره للامتحان، فماذا نفعل؟ اقترحت هنا أن يدرس أبناؤنا كلا من الأدب والفن المصريين فى كل المراحل التعليمية، فقد يدخل أطفالنا مدارسنا ويخرجون منها وهم لا يعرفون شيئا عن الأدب الفرعونى، أو الأدب القبطى، ومن المؤكد أيضا أن أطفالنا يدخلون المدارس ويخرجون منها دون أن يعلموا شيئا عن الفن المصرى القديم أو الفن القبطى أو حتى الفرق بين الفن المملوكى والفن العثمانى، فالأدب الذى يتعلمه أطفالنا فى المدارس يبدأ من العصر الجاهلى وينتهى عند الأدب الحديث، وكأن مصر الفرعونية لم يكن بها أدب أو حياة، والفن الذى يتعلمه أطفالنا فى المدارس لا يتعدى «حصة الرسم» التى يعتبرها التلاميذ فرصة لدخول الحمام والاستراحة من بقية اليوم الدراسى، ما يجعل تدريس مادتى تاريخ الأدب المصرى وتاريخ الفن المصرى منذ العصر الفرعونى وحتى العصر الحديث ضرورة حتمية.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;