على الرغم من الإجراءات الخطيرة التى أقدم عليه البنك المركزى المصرى خلال الأسبوع الحالى، بتخفيض سعر الجنيه المصرى، والهبوط به من 7.83 قرشا فى مقابل الدولار الى 8.95، فى انخفاض تاريخى وصل إلى 112 قرشا، وطرح عطاء الاستثنائى بقيمة 1.5 مليار دولار، لتغطية مديونيات العملاء بالعملات الأجنبية الناتجة عن عمليات استيرادية، فى محاولة لتصحيح أوضاع سوق النقد، وتحقيق الاستقرار النقدى، وتوفير المناخ المطلوب للتنمية الاقتصادية، إلا أننى مازلت أرى أن الحكومة ليست جادة أو حاسمة فى معالجة أمر(الدولار) الذى يعتبر بمثابة أمن قومى يحتم ضرورة مواجهة المشكلة بحزم وقوه وردع، ولاسيما، وأنها تضرب الاقتصاد القومى فى الصميم، وتنعكس بصورة مباشرة على المواطن الفقير، الذى أصبح يئن ويصرخ من شدت التضخم وغلاء الأسعار، والالتزامات الحياتية الضرورية التى أصبحت تثقل كاهله.
فلا أدرى كيف لم يتنبه خبراء وعباقرة الاقتصاد فى الحكومة، إلى أن كل الإجراءات التى تم اتخاذها خلال المرحلة الماضية بما فيها قرار التعويم، لن يوقف تدهور سعر الجنية، طالما أن هناك مافيا فى الداخل والخارج تتربح بشده من هذا الأمر، بل وتمارس مخططا كبيرا وممولا بعنف من أجل إسقاط اقتصاد الدولة.
وعلى الرغم من المبادرات الجيدة التى طرحها البنك المركزى على مدار الأسبوع الحالى، إلا أننى أؤكد أن الأمر لن يجدى معه ضح مليارات الدولارات، وأن الحكومة ستفشل على المدى البعيد فى فى حالة الاختناق فى التعاملات التجارية والخدمية، وضمان توافر السلع الأساسية، ودعم القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية، فى ظل التقلص (المتعمد) فى تحويلات المصريين بالخارج، وتصاعد التلاعب (المتعمد) أيضا من قبل المضاربين فى سوق النقد المحلى.
وعلى الرغم من توقع البنك المركزى أن تؤدى القرارات الجديدة إلى استقرار مستويات أسعار الصرف، وتعكس القوة والقيمة الحقيقية للعملة المحلية فى غضون فترة وجيزة، تظهر آثارها الإيجابية على الاحتياطى النقدى من الدولار، الذى يستهدف البنك المركزى أن يسجل حوالى 25 مليار دولار فى نهاية عام 2016، وتوفير الاحتياجات لاستيراد السلع الاساسية، وضمان استقرار أسعارها بالأسواق.. إلا اننى أؤكد أن كل هذا لن يتم، وأن كل هذه القرارات سوف يكون مصيرها (الفشل) طالما لم يتم مواجهة المشكلة بجزم وواقعية، والتدخل لإصدار تشريعات رادعة ومخيفة يتم بمقتضاها (إلغاء شركات الصرافة) التى تضارب أغلبها فى سعر الدولار فى السوق السوداء، إلى جانب (منع التعامل فى الدولار) سواء بالبيع أو الشراء سوى فى البنوك، والخروج بتشريع يمنع الاتجار فى الدولار فى السوق السوداء بشكل كامل، يتم بمقتضاه فرض عقوبة المؤبد الى جانب غرامة ضخمة على كل من يقوم بذلك، مع ضرورة وضع حد يجبر المصريين العاملين فى الخارج على تحويل مبلغ محدد سنويا إلى داخل البلاد بأى صورة.
بغير ذلك، أؤكد ان كل الإجراءات التى تتخذها الحكومة مؤقتة ومجرد مسكنات لن تستمر سوى أيام، وسوف يستمر الدولار فى التصاعد، وستستمر المضاربة مستمرة على جثة الاقتصاد القومى على طول الخط، حتى وإن ضخت الدولة مليارات الدولارات فى محاولة لتثبيت السعر.
فلا أدرى كيف لم تتنبه الحكومة، أن جماعات ودولا بعينها أصبحت تسيطر على تحويلات المصريين العاملين بالخارج من المنبع، وأن هناك أعداد كبيرة من المصريين المنتمين إلى تيارات بعينها أصبحت تذهب إلى المصريين فى الخارج فى بيوتهم وتغريهم بشراء الدولار منهم بأسعار وصلت خلال الأيام الماضية إلى نحو 12 جنيها للدولار الواحد، لمنع تحويلات أى عملات أجنبية إلى مصر، وأنه تم رصد أموال ضخمة لهذا الغرض، وأن هذا هو السبب الرئيسى لتقلص تحويلات المصريين فى الخارج، وأنه لا حل لوقف ذلك المخطط، سوى بفرض مبلغا عادلا على كل مصرى مقيم بالخارج يستوجب عليه تحويله سنويا إلى البلاد، على أن يتم استبداله بالجنيه المصرى .
فى الوقت الذى يعلم الجميع، أن أغلب شركات الصرافه فى مصر ما هى إلا واجهات للمضاربة والاتجار بالعملات فى السوق السوداء، وأن أمرها تحول من جامعين للدولار لصالح الاقتصاد القومى، إلى مضاربين عليه من أجل الثراء وتدمير الاقتصاد القومى .
كما أن الحكومة، ومباحث الأموال العامة، يعلمون جيدا كامل أسماء (مافيا الاتجار فى الدولار) والعملات الأجنبية فى السوق السوداء، التى تتحكم فى أسعار الدولار فى السوق المصرى، والتى تنتشر فى كامل محافظات مصر .
أؤكد أن الدولار سوف يرتفع، وأن التضخم سوف يزيد، وأنه لا جدوى من كل القرارات والمسكنات التى تضعها الحكومة، وأنه لا حل للأزمة سوى بمواجهاتها بحزم ، وضرب المتحكميين الحقيقيين فى المضاربة بأسعار الدولار فى مصر .