حتى نفهم البيان الوقح وغير المهنى لميشيل باشليه المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة حول القضاء المصرى والأحكام الخاصة بقضية غرفة عمليات رابعة ، لابد وأن نطرح بداية مجموعة من الأسئلة الاسترشادية وأن نسعى للإجابة عليها ، حتى يمكننا بعد ذلك تلقى بيان "باشليه" ووضعه فى المكان الذى يستحقه.
-هل المؤسسات الأممية ومنها تلك المنظمات التابعة للأمم المتحدة تتمتع بالنزاهة والمصداقية؟
-هل تمتلك المؤسسات الأممية الاستقلالية الكاملة بعيدا عن هيمنة أو تأثير العواصم الغربية الكبرى ، وتحديدا واشنطن ولندن وباريس وبرلين؟
-هل يشير تاريخ المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى انحياز ما نحو تبنى خطاب الجماعات الإرهابية ، فتجدها صامتة لحد التواطؤ مع الممارسات الإرهابية بحق الدول المنكوبة بالإرهاب ، ومنددة بنجاحات تلك الدول فى ردع ومواجهة الإرهابيين تشريعيا أو ميدانيا أو قضائيا؟
-هل علينا فى هذا الظرف العالمى الذى تختلط فيه المعايير السياسية وتروج فيه الدول الكبرى لسياسات الاستعمار الجديد أن نهتم كثيرا بما تصدره المؤسسات والمنظمات الدولية؟
السؤال الأول إجابته معروفة ، المؤسسات الأممية ومنها المفوضية السامية لحقوق الإنسان مجرد أداة فى يد الولايات المتحدة تستخدمها كيفما تشاء ، ولا تتمتع بأى درجة من النزاهة أو المصداقية ، ولو كانت تتمتع بأى درجة منهما لأصدرت بيانات نارية وتوصيات بعقوبات على رجب أردوغان راعى التنظيمات الإرهابية فى العالم ومعه تابعه تميم بن حمد الذى يوظف ثروات الشعب القطرى لتمويل ونشر التنظيمات الإرهابية فى الدول المطلوب تدميرها، ولو كانت تلك المنظمة تتمتع بأى درجة من درجات النزاهة لوضعت قائمة بالدول التى ترعى الإرهاب والإرهابيين وتقدم لهم الملاذات الآمنة والدعم المادى واللوجستى
السؤال الثانى ، إجابته مكملة لإجابة السؤال الأول ، فلا المفوضية السامية لحقوق الإنسان ولا أى منظمة أخرى تابعة للأمم تتمتع بالاستقلالية وتحديدا عن القرار الأمريكى وبدلا من إصدار بيان عن الخارجية الأمريكية يثير أزمة بينها وبين دولة حليفة ، تستخدم فى العادة المفوضة السامية لقول ما لا تريد التصريح به وإسباغه صبغة دولية عليه ، ولتنظروا مثلا إلى أزمة الإدارة الأمريكية مع المحكمة الجنائية الدولية لتفهموا كيف تتعامل واشنطن مع هذه المنظمات الورقية
جون بولتون، مستشار الأمن القومى الأمريكى، يهدد بفرض عقوبات ضد المحكمة الجنائية الدولية إذا مضت فى تحقيقات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يتعلق بالتجاوزات والجرائم ضد الشعب الفلسطينى ، وصدر قرار رسمى بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن لأنها قدمت شكوى لملاحقة مسئولين إسرائيليين متهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين ، فما معنى ذلك؟ معناه أننا فى زمن انقلاب المعايير، وبدلا من أن تكون المنظمات الدولية أقوى من أى دولة فى العالم بفعل النظام الدولى العادل والمتوازن ، أصبحت واشنطن هى المهيمن على النظام العالمى المختل.
ثالثا ، تاريخ المفوضية السامية لحقوق الإنسان مليء بالانحيازات السياسية لخطابات الدول الغربية الكبرى بشأن الجماعات الإرهابية وخاصة جماعة الإخوان ، حتى يبدو خطاب المفوضية السامية فى خطوطه العامة وكأنه يتحدث بلسان الإخوان ويدافع عن كوادرها المجرمة ويستميت فى طلب الحصانة لها ، وتذكرون كيف دشن زيد بن رعد الحسين السلف غير الصالح لميشيل باشليه أكثر من بيان داعم للجماعات الإرهابية ومنتقدا الإجراءات المصرية لمكافحة هذا الخطر المدمر ، كما أصدر بيانات تنتقد سعى مصر لامتلاك مؤسساتها المستقرة واستكمال الاستحقاقات السياسية انطلاقا من شائعات وأكاذيب وانطباعات شخصية على مواقع التواصل الاجتماعى
وفى ظل هذا المناخ العالمى غير العادل وغير المتوازن والداعم لبرامج الاستعمار الجديد وانحيازات الدول الغربية الكبرى ، علينا أن نهتم بما تصدره المنظمات الأممية من بيانات لنواجهها بما تستحق من هجوم مضاد وتفنيد لمزاعمها ، ثم نلقى بها فى سلة المهملات