من حين لآخر تتحجج الأحزاب السياسية فى مصر بأن الدولة لا تدعمها، ولا تلقى لها بالا، وهنا نتفق أو نختلف لكن سؤال يبقى هو الأهم من وجهة نظرى..هل المصريون يدعمون الأحزاب السياسية ؟ ولماذا يدعمونها؟..هل قدمت الأحزاب أى مردود طيب بعد ثورة 25 يناير وحتى الآن؟..حقيقة الأمر أن الأحزاب لم تقدم أى شىء على الإطلاق سوى طلب للجنة شئون الأحزاب من أجل تأسيسها وبعد ذلك تغرق فى مشكلات كثيرة لتصبح بلا حول وبلا قوة.
منذ 25 يناير وحتى الآن لم نسمع أن مؤتمرا جماهيريا لحزب تم إلغائه أو زيارة لقيادات حزب ألغيت حتى ولو كانت للهجوم على الحكومة..لكن الشاهد الوحيد فى أن الأحزاب السياسية فى مصر ارتمت فى أحضان مشاكلها وخلافاتها التى لا تنتهى بل وأصبحت طاردة لكل عقلية متميزة.. ولمن ينظر إلى الأحزاب حاليا لا يجد فيها شخصيات قوية أو مؤثرة على الإطلاق..وأصبحت "السبوبة" هى السمة الغالبة فى كل حزب سياسي فى مصر.
الأحزاب حاليا منعزلة تماما عن المجتمع وعن الدولة..هنا لن أتحدث عن تواجدها فى الشارع ، ولكن حتى القضايا المجتمعية الهامة لم تعد تلقى لها الأحزاب أى بال..كلنا يسمع أن فى مصر أكثر من 100 حزب سياسى.. وأنا أتحدى أى باحث فى مجال السياسة أن يسرد لنا اسم 50 حزبا فقط منهم.
انعزال الأحزاب عن المجتمع كلفنا كثيرا جدا...فمثلا كم حزبا فى مصر لديه لجنة للفنون والثقافة؟ ..كم حزبا فى مصر يمتلك عدد من المفكرين أو الكتاب المؤثرين فى المجتمع؟..كم حزبا فى مصر يمتلك لجان للتواصل الجماهيرى لا تتواصل مع الجماهير؟...كم حزبا فى مصر لديه أجندة تشريعية حقيقية تمس قضايا وملفات هامة داخل المجتمع؟؟..للأسف الكل بعيد كل البعد عن السياسة..للأسف أصبح لدينا أحزاب غير سياسية بالمرة.
كثيرون تحدثوا عن مسألة الدمج داخل الأحزاب..وللأسف ، الأحزاب فى مصر هى من تقف أمام هذا الدمج قبل أى شيء..فقد نجد رؤساء أحزاب يرفضون أن يتنازلوا عن منصبهم الذى لا يتعدى كونه حبرا على ورق من أجل الاندماج فى حزب آخر فيبقون على أنفسهم داخل مقر لا يدخلونه وورقة لا يعلم عنها شيئا لمجرد أن يقال فقط أنه رئيس حزب.
وحقيقة الأمر أن الدولة المصرية كما احتاجت إلى بنية تحتية حقيقية بدأت تنفذها بشكل كبير، فهى تحتاج أيضا إلى بنية سياسية جديدة يجب أن تبدأ من الانتخابات البرلمانية المقبلة، وبداية نحتاج إلى تشريع جديد يلغى الأحزاب السياسية التى ليس لها ممثلين تحت قبة البرلمان كذلك فى حاجة إلى كوادر وأسماء سياسية جديدة تستطيع النهوض بالعمل السياسى فى مصر خلال الفترة المقبلة.