فى عام 2002 حضرت ندوة فى المجلس الأعلى للثقافة، أمر بالتجهيز لها الراحل الجميل محمود أمين العالم، احتفالًا بعودة المفكر المصرى الكبير عبدالرحمن بدوى إلى مصر للعلاج، كان الجميع يعرف أن هذه العودة لم تكن للعلاج، وإنما كانت للموت، فأراد «العالم» أن ينظم هذه الندوة وكان وقتها مقرر لجنة الفلسفة تكريمًا للرجل، لكن للأسف تحولت هذه الندوة إلى محاكمة جنائية لبدوى، أصدر فيها الدكتور حسن حنفى، حكمًا بالإدانة، ثم أخذ يعدد مسالب الرجل وخسائره وكأنه يخرج لسانه للرجل المريض، وهو ما أثار غضب «العالم» الذى اعترض على ما بها من افتراءات مما كان إيذانًا بإنهاء الندوة التى رأيت فيها «حسن حنفى» عن قرب.
هو بلا شك واحد من أهم أساتذة الفلسفة فى مصر والعالم العربى، وسبحان من يجعل الكبير صغيرًا، والصغير قزمًا، فيرتد إلى حالته الأولى فى الوقت الذى يستعد فيه لقول كلمته للتاريخ، أو إن شئت الدقة قل حالته «الحقيقية».
تاريخه العلمى كبير بحق، لكنه بتصرفاته الصغيرة أثبت أنه ليس أكثر من حاولة علم، وليس بعالم، أما تاريخه الإنسانى إن كان له تاريخ ذهب مع ريح الأنانية المفرطة، والحب الزائد للذات، ففى كتابه الأخير «ذكريات» يفرغ حسن حنفى كل ما به من حقد وسواد على رؤوس تلامذته، هكذا تكون الأستاذية الحقيقية للفارغين، هكذا تكون تصفية الحسابات، هكذا تكون الشجاعة التى تعلمها للناس، وهذا هو سبب ما وصلنا إليه من تخلف علمى وعقلى، فحراس العلم هم خونته، وسدنة العقل أصغر من ذرة رماد.
فى هذا الكتاب الذى يستعرض فيه ذكرياته، استغل حنفى موت بعض تلامذته مثل نصر حامد أبو زيد وعلى مبروك، واستغرق فى تشريحهما والغوص فى سلبياتهما من وجهة نظره، ولم يتورع وهو «الكبير» عن سب ونعت بصفات مشينة، فأبو زيد يهوى الفرقعة الإعلامية، وعلى مبروك سارق ومنافق، أما فؤاد زكريا فمغرض، أما مراد وهبة فهو المفكر الذى يكرر نفسه والذى حول منافسته الشريفة إلى كراهية، وهكذا اتخذ حسن حنفى من مناسبة إصدار كتاب «ذكريات» مناسبة للانتقام واستعراض القيح والغل وتصدير الكراهية للآخرين، وللأسف هذا الكلام ليس بمستغرب عن «حسن حنفى».