«هاكان فيدان» أو كما يطلق عليه الأتراك «حقان فيدان»، رئيس المخابرات التركية، والبالغ من العمر 50 عاما، تربى فى أحضان جماعة الإخوان الإرهابية، وصار عضوا بارزا فى حزب العدالة والتنمية الإخوانى، واختاره رجب طيب أردوغان فى منصب رئيس المخابرات، واعتبره حامل خزائن أسراره والمقرب منه.
رجل المخابرات التركى، يعد الأقوى فى نظام أردوغان، وأحد أبرز «الطباخين» فى مطبخ صنع القرار التركى السام، والمرجع الأول والأخير، وصاحب أفكار وفلسفة دعم كل التنظيمات المتطرفة والإرهابية، من جماعة الإخوان، وداعش وتنظيم القاعدة، إلى آخر المسميات، معتبرا احتضان هذه التنظيمات يمثل شوكة فى ظهر كل أعداء تركيا، فى ظل منطقة تشهد أعاصير وعواصف سياسية وعسكرية بالغة الخطورة، بجانب، وهو الأهم، أن احتضان هذه التنظيمات، للعبث فى أمن واستقرار كل الدول المجاورة لتركيا، ومخلب مهم من مخالب الأطماع والتوسعات الأردوغانية فى مقدرات جيرانه، مثلما نرى ذلك فى العراق، وسوريا على وجه الخصوص.
هذه الحقائق الجوهرية، ليست من بنات أفكارى، أو حتى من تناول وسائل إعلام لها موقف من تركيا، ولكن بموجب وثيقة مسربة من وثائق «ويكليكس» والتى كشفت أن هناك «خريطة جغرافية» وضع ملامحها وحدودها «فيدان» داعمة لخريطة باراك أوباما، وهيلارى كلينتون «الشرق الأوسط الجديد»، وبناء على هذه الفكرة، عقد الرئيس الأمريكى السابق، ووزير خارجيته، حينذاك، جون كيرى، اجتماعًا أمنيًا ضم أيضًا رئيس الوزراء التركى ووزير الخارجية حينها أحمد داوود أوغلوا فى العاصمة الأمريكية واشنطن فى مايو 2012.
ناقش الاجتماع «وفق ما ذكرته وثيقة ويكليكس» خطة رئيس المخابرات التركية، هاكان فيدان، وبعث الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى الاجتماع رسالة واضحة وخالية من كل الكياسة السياسية والدبلوماسية، المتعارف عليها، ومغلفة بصيغة «الأمر» وليس الطلب، بأن تركيا تسمح بدخول السلاح والعناصر الإرهابية إلى سوريا بلا تدقيق أو توقيف، بل مطلوب من أنقرة، أن تدعم هذا التوجه، وتقوى من شوكة ودعم جماعة الإخوان الإرهابية، وتسمح للتنظيم الإرهابى المولود من رحم الإخوان «داعش»، التمدد والتمكين فى سوريا والعراق، وسيناء وليبيا.
وما لبث أن انتهى الاجتماع، حتى فوجئنا بخلية عمل كبيرة شكلها «هاكان فيدان» رئيس المخابرات التركية، لدعم داعش بكل أنواع الدعم، ما أدى إلى ظهور نتائج إيجابية سريعة على الأرض، تمثلت فى سيطرة التنظيم الإرهابى، على مدينة الرقة السورية، وتحولت إلى معقل له، ثم تمدده فى معظم القرى والمدن السورية بشكل سرطانى خطير.
وفى أغسطس عام 2014، ظهرت النتائج الأكبر للاجتماع الأمنى الشهير، لتحقيق خطة رئيس المخابرات التركية، المتعلقة بتغيير الخريطة الجغرافية فى المنطقة، عندما سيطرت داعش على ثلث العراق، وبسط نفوذه فى مدينة الموصل وعددًا من المدن العراقية الأخرى.
خطة رئيس المخابرات التركية التى لاقت استحسان ودعم الرئيس الأمريكى السابق، مستوحاة من السياسة الصهيونية القديمة الجديدة «فرق تسد»، وأنه كلما كانت الدول المعادية، تشتعل فيها نيران الحرب الأهلية ويندثر فيها الأمن والأمان، حققت تركيا أهدافها، السياسية والتوسعية والاقتصادية أيضًا، وتظل دولة قوية ومحورية فى حين تتشرذم كل جيرانها، وربما تتلاشى من فوق الخريطة الجغرافية، ويأتى فى مرحلة لاحقة وجوهرية، تتمثل فى قدرة التدخل التركى فى العراق وسوريا، لإعادة الخلافة العثمانية من جديد.
وسارت خطة «فيدان» فى تحقيق أهدافها وسط انبهار أوباما وإدارته، من تمكين جماعة الإخوان فى مصر وسوريا وليبيا وتونس، حتى فاجأ الشعب المصرى الجميع، وقلب الطاولة، رأسا على عقب، فى 30 يونيو 2013 وطرد الإخوان من السلطة، ومن المشهد السياسى برمته، وأعاد مصر المختطفة، بسرعة، لم يتوقعها أكثر الأجهزة الاستخباراتية تشاؤما، ومن غير المصريين، الذين لديهم القدرة على تغيير الخريطة، وإحباط المخططات..؟! اسألوا التتار والصليبيين والعثمانيين أنفسهم، والإسرائيليين، والإخوان وأبنائها داعش والقاعدة وغيرهم من المسميات.
وعقب ثورة الشعب المصرى، فى 30 يونيو، وانهيار خطة التقسيم، أسدى رئيس المخابرات التركية، نصحا لأردوغان، بضرورة استضافة قيادات الإخوان الفارين من مصر، وإعادة استخدامهم «ككروت» ضاغطة على مصر، من خلال توفير منابر إعلامية لهم، ودعمهم استخباراتيا، لإعادة الوضع إلى المربع رقم صفر، وهى الخطة التى لم تؤت أى نوع من أنواع الثمار، سوى ثمار المرار والحنظل يتجرع منه الإخوان وداعش وتركيا أنفسهم.
«هاكان فيدان» فى الوقت الذى يناصب فيه العداء لمصر وسوريا والعراق والسعودية والإمارات، وهى دول إسلامية سنية، فإنه يمد كل خيوط الود، والانصياع، وتوطيد العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلى، وتقديم كل الدعم الأمنى والاقتصادى والسياسى له، وأيضًا تقوية العلاقات مع «إيران» الشيعية..!!
ولك الله ثم جيش قوى وشعب صبور يا مصر...!!