فى الإسلام فرائض غير الزكاة، إذ إن الزكاة ليست وحدها حق المال، فهى الحد الأدنى المفروض فى الأموال، حيث لا يحتاج المجتمع إلى غير حصيلة الزكاة.
فى حين لا تكفى حصائل الزكاة، فإن الاسلام يمنح الإمام (الحاكم) الذى ينفذ شريعة الاسلام وسنّ القوانين، سلطات واسعة لتوظيف رؤوس الأموال، أى الأخذ منها بقدر معلوم فى الحدود اللازمة لصالح البلاد. وقد جاء ذلك واضحاً فى صريح الحديث: "إن فى المال حقا سوى الزكاة".
فهناك دائرة "المصالح المراسلة"، "وسد الذرائع"، وهى دائرة واسعة تشمل تحقيق كافة المصالح العامة، وتضمن دفع جميع الأضرار، وفيما يلى أدق التفاصيل:
1- المصالح المرسلة، وهى المصالح التى ليست لها نص خاص يشهد لنوعها فى الاعتبار. ومن الملاحظ أن البعض من الفقهاء فى الأربع مذاهب قد قدموا المصلحة العامة على النهى فى معاملات الناس واعتبروها مخصصة للإجماع. وهو ما يؤكد أن المصلحة فى المسائل العامة، أنه إذا حلا بين المال، أو ارتفعت حاجة العيش، وليس فيه ما يكفيهم، فللحاكم أن يوظف على الأغنياء ما يراه مناسبا فى مثل هذه الظروف، كلا حسب حالته.
وقد أوضح ذلك "الشاطبى فى قوله": الاستقراض فى الأزمات، إنما يكون حيث يرجى لبيت المال دخل ينتظر، وأما إذا لم ينتظر شىء، وضعفت وجوه الدخل بحيث لا يغنى، فلا بد من جريان حكم التوظيف"!.
2- سد الذرائع: معنى الذريعة الوسيلة، معنى سد الذرائع رفعها، ومؤدى الكلام أن وسيلة المحرم مجرمة، ووسيلة الواجب واجبة. والأصل فى اعتبار مبدأ سد الذرائع هو النظر فى مآلات الأفعال، وما تنتهى إليه بجملتها، فإن كانت تتجه نحو المصالح التى عى المقاصد والغايات من معاملات الناس بعضهم مع بعض، كانت مطلوبة بمقدار يناسب هذه المقاصد، وإن كانت لا تساويها فى الطالب، أو كانت مآلاتها تتجه نحو الفساد، فإنها تكون محرمة بما يتناسب مع تحريم هذه المفاسد، وإن كان مقدار التحريم أقل فى الوسيلة.
فمبدأ سد الذرائع لا ينظر فقط إلى النيَات والمقاصد بل يقصد مع ذلك إلى النفع العام أو إلى دفع الفساد العام، فهو ينظر إلى النتيجة مع المقصد معاً. ومن أمثلة سد الذرائع: عدم قطع أيدى السارقين فى الغزو لئلا تكون ذريعة لاتجاه من قطعت يده إلى المحاربين فينفر إليهم، ومثل ذلك عدم إقامة الحدود فى الغزوات أو فى ظروف القحط. ومثل النهى عن الاحتكار لأن ذلك ذريعة للتضييق على الناس، ولا يمنع احتكار ما لا يضر الناس أو الاحتكار من جانب الدولة لتحقيق الصالح العام. وأخيراً نهى النبى الكريم المقرض أو الدائن عن قبول الهواية من المدين، حتى لا يتخذ ذلك ذريعة إلى تأخير الدين لأجل الهدية.
وفى النهاية، فلقد عدت الذرائع من شرائع الاسلام نصفها !. فمبدأ المصالح المرسلة ومبدأ سد الذرائع عند تطبيقها فى محيط أوسع يمنحان الحاكم سلطة واسعة لتدرك كل المضار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بما فى ذلك التوظيف، وفرض الضرائب والجمارك والرسوم على التوظيف، وفرض الضرائب والجمارك والرسوم على المليئين مالياً فى الأموال رعاية المصالح العامة للأمة، وتحقيقاً للهدف الأسمى "العدالة الاجتماعية الكاملة".