تركزت القواعد الأساسية للنظام المالى فى الدين الإسلامى فى 5 محاور هيئت من خلالها "مقرر شرعى كامل فى المعاملات الإنسانية" لتقيم العدل والحق لبنى البشر دون استثناء.
وتتركز تلك القواعد فى النواحى التالية:
1- قيام هذا النظام على أساس الاستخلاف المشروط، فالله هو المالك لكل ما فى الأرض من مال وأقوات وأرزاق، وللإنسان أن يتصرف فى هذا المال بشروط المولى عز وجل، وأى خروج على هذا الشرط، مبطل للتصرف، وناقض لعهد الاستخلاف.
2- والاستخلاف فى حد ذاته عام، إلا أن الأفراد يحصلون على حق "الملكية الفردية" مقابل (عمل)، ويحوط المشرع الملكية بسائر الضمانات التى تجعل الفرد عزيزاً مطمئناً على ماله ورزقه، ليقوم بتنفيذ واجبه فى الرقابة على تطبيق القانون.
3- والملكية الفردية مقيدة هى الأخرى بشروط، فى وسيلة التملك، ووسيلة التنمية، وطرق الإنفاق الخاص.
4- ويأتى بعد ذلك مبدأ "التكافل الاجتماعي" مع الحفاظ على حق الملكية الفردية مصون، وهو قاعدة الحياة فى الأمة والنظام الاجتماعى الإسلامى، وهذه قاعدة الحياة فى الأمة والنظام الاجتماعى الإسلامى، وهذه القاعدة تفرض تكاليف على الملكية الفردية، وقد حددت فى الشريعة بيانها، وفيها الكافية التامة لتحقيق هذا التكافل المجتمع الكامل.
5- وأخيراً مبدأ "العدالة الاجتماعية الشاملة" وهو ما ينظمه الدين الإسلامى ليضمن تحققه بأفضل صورة وعلى أكمل مثل.
ومن هذا المنطلق استطاع الواقع التاريخى للإسلام، أن يقرر عدة مبادئ أساسية فى السياسة المالية التى تتمشى مع تلك المحاور الخمس، فتجد أن الفقراء والمساكين يرجحون على أولى السابقة فى الاسلام من حيث حقهم بالمال العام، وأن الحاجة هى المبرر الأول للاستحقاق فى المجتمع، وهذا ما يؤكد كرم الأديان للحاجة والفاقة، وحثهما على إزالتهما أولاً قبل رعاية أى اعتبار أخر.
أضف إلى ذلك عدم تكدس رؤوس الأموال وتراكمها بشكل خاص أو عام، ورفض التوازن المخل، بارتفاع الثراء فى جانب، وازدياد الحرمان والبؤس فى جانب أخر، لذلك وجب إعادة التوازن لتقليص الفوارق بين الطبقات الاجتماعية بقدر المستطاع.
وهنا يسمح للسلطة الحاكمة حرية التصرف فى المال العام "كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم".
وهو ما أباح للحاكم وضع نوع من "الضرائب التصاعدية" المتفاوتة حسب المقدرة والعجز فيها كان يعرف فى الماضى "بالجزية على الذّميّين" تبعاً لفئاتهم، وهذا ما سوف نعرضه فى مقال قادم إن شاء الله.