البديل الممكن للمرور والأراضى
من الصعب مواجهة مشكلة المرور والركنة فى الممنوع من دون توفير أماكن بديلة، وتطبيق القانون الذى يلزم كل مبنى بتخصيص مساحة للركنات. وإتاحة مواصلات عامة متنوعة ومناسبة لكل الفئات.
نفس الأمر فيما يتعلق بمنع الاعتداء على الأراضى الزراعية الذى يحتاج تطبيقه لتوفير أحوزة عمرانية وكردونات يمكن أن تمتص الزيادات السكانية.. لأن الاكتفاء بالمواجهة الأمنية أو القضائية لم تكن تكفى والدليل أنها لم تمنع الزحف، وهناك محافظات فى وسط الدلتا والصعيد تتجاوز فيها أسعار أراضى البناء عشرات الأضعاف سعر الأرض فى بعض مناطق القاهرة. فضلا عن أن المضاربة فى الأراضى والعقارات حققت ثروات لأقلية ولم تنجح المجتمعات العمرانية فى امتصاص الزيادات السكانية. ونمت العشوائيات.
ومن أجل إنهاء العشوائيات يجب توفير مجتمعات عمرانية وليس مساكن متفرقة ومجتمعات تعنى أن تتوافر للمواطنين إمكانية ممارسة أعمالهم أو وسائل نقل تتيح لهم ممارسة أعمالهم. مع الأخذ فى الاعتبار أن بعض المناطق الشعبية والجديدة تحولت إلى عشوائيات بسبب فساد الإدارات الهندسية والمحلية واستمرار التساهل فى مخالفات البناء، وعشوائية السوق من دون توفر بدائل منطقية ومناسبة للأغلبية من المواطنين.
وكان تحويل المدن الجديدة إلى تجارة والمبالغة فى المضاربة على الأسعار أحد عوامل ظهور واتساع العشوائيات. وفى النهاية نمت عشوائيات بالقرب من المدن الجديدة وحولها، لعجز كثيرين عن الحصول على مساكن مناسبة.
الفكرة هنا أن كثير من الأزمات تظهر بسبب غياب البدائل المناسبة، الأمر الذى يفتح باب الحلول البديلة، التى تكون عادة عشوائية، لأن عدم وجود خيارات هو ما يفتح باب الارتجال العشوائى.
ونفس هذا المنطق يمكن تطبيقه على التعليم والصحة، ناتج من تضييق الخيارات على الناس، ودفعهم إلى اتجاه واحد من دون بدائل. الدروس الخصوصية نتاج لغياب التعليم أو تراجع مستويات المدارس وتردى الرواتب. وفى الصحة لم تتطور المستشفيات العامة والمركزية لتواكب ما جرى من تحولات ولا تغيرت الموازنات مما فتح الباب لعلاج خاص استغلالى، من دون بدائل ممكنة تنافس الخدمة.
عدم وجود خيارات بديلة يفتح باب الحلول الاستثنائية، التى تتحول مع الوقت إلى قاعدة، ويبقى التصرف الصحيح هو الاستثناء. بل إن الفساد نفسه ناتج من غياب الخيارات أمام الناس واضطرارهم للتحايل، والفهلوة، والعشوائية فى التفكير والتنفيذ. وما لم يتم خلق خيارات وبدائل سوف تستمر العشوائية، وتبقى المواجهة والمطاردة مجرد حلول موضعية، لن تصل إلى أصل المشكلة.