إذا كنت من الذين يمتلكون الملايين، وقررت شراء «شقة سكنية» فى عقار تحت الإنشاء، أو انتهى العمل منه، حديثا، وتم طرح وحداته للبيع، فى أحياء المهندسين والدقى والعجوزة، التابعة إداريا لمحافظة الجيزة، أحذرك بالتراجع وعدم الشراء، لأن كل العقارات تحت الإنشاء، التى انتهى العمل منها حديثا، مخالفة، ولم تحصل على تصريح قانونى واحد..!!
نعم، كان المقاولون فى أحياء المهندسين والدقى، يسارعون ببناء عشرات العقارات بالمخالفة، لقوانين البناء، اعتمادا على رئيس حى الدقى، المقبوض عليه حاليا بتهمة الرشوة والفساد، لمنحهم كل التصاريح، مقابل مبلغا من المال..!!
وبعد القبض على رئيس حى الدقى، توقف إصدار التصاريح نهائيا، ووقع المقاولون وأصحاب العقارات فى أزمة حقيقة، فجميع.. نعم.. جميع العقارات مخالفة لقواعد البناء وبشكل صارخ، وجميع المهندسين فى حى الدقى والمهندسين، يتحسسون خطاهم، ويخشون من التوقيع على تصريح واحد، يضعهم تحت مقصلة القانون، ويدفع بهم خلف أسوار السجون..!!
الأمر خطير للغاية، ويتطلب من وزير التنمية المحلية، ووزير الإسكان والمجتمعات العمرانية، تشكيل لجان محايدة، وتحت إشراف الأجهزة الرقابية، خاصة الرقابة الإدارية، لمراجعة كل التصاريح الممنوحة خلال فترة وجود رئيس الحى المقبوض عليه، ومراجعة العقارات تحت الإنشاء الحالية، لمنع وقوع كوارث، وعمليات نصب كبرى على المواطنين..!!
يا سادة، إذا كانت هذه المخالفات الصارخة فى أرقى الأحياء، فما الحال فى كل الأحياء بالمحافظات الكبرى على وجه الخصوص..؟!
نعم، المحليات فى مصر عبارة عن ألغام قاتلة، مزروعة فى كل الطرق المؤدية نحو إقامة دولة متقدمة ومزدهرة اقتصاديا، وعصرية تأخذ بكل الوسائل العلمية الحديثة، ولذلك وجب على الدولة أن تحشد الهمم وتركز كل الجهود لتطهير البلاد من شبكة الألغام المميتة.
ما يحدث، فى الأحياء لا يصدقه عقل، حيث ترتكب كل الخطايا والموبقات الإدارية، بدءا من السماح والتصريح لإقامة عقارات مخالفة، ولكم فى أحياء القاهرة والجيزة وإسكندرية أسوة، أو السماح للتعديات على حرم الشوارع من إقامة أكشاك وأسواق غير مرخصة، أو انهيار المرافق وكل البنية التحتية التى تنفق الدولة عليها «دم قلبها».
ونأخذ عينة للانهيار فى الأحياء على سبيل المثال، للتدليل على حجم المصيبة، وماذا يحدث من مخالفات إدارية صارخة، فخذ عندك، حى الأزبكية التابع لمحافظة القاهرة، حيث ترتكب فى هذا الحى وعلى يد رئيسه وقياداته وموظفيه، ما لا يصدقه عقل، فناهيك عن الشوارع المكسرة، والصرف الصحى الذى يغرق معظم المناطق بالحى، وانتشار مرعب للقمامة، واستيلاء الباعة الجائلين على الأرصفة، فإن هناك أمرا خطيرا، يتعلق بالسماح للوحدات السكنية، أن تتحول لمنشآت تجارية بالمخالفة الصارخة للقانون.
المدهش، أن رئيس حى الأزبكية، كان يشغل رئاسة حى دار السلام، وارتكب نفس الأخطاء، ومع ذلك وبدلا من النظر فى أمره، دفعوا به لرئاسة حى الأزبكية..!!
وإذا غادرت حى الأزبكية متوجها إلى حى عابدين، وسط القاهرة الخديوية «باريس الشرق منذ أكثر من قرن من الزمن» فإنك ستشاهد بعينك مدى العبث فى شوارع الحى، فالتكسير اليومى لبلاط الأرصفة، وإعادة تركيبه، ثم تكسيره من جديد، إنما يمثل معاناة كبرى لمرتادى وسط القاهرة للتنزه والشراء المستلزمات من المحلات الشهيرة، أو المترددين على الإدارات والهيئات الحكومية سواء بنوك أو مؤسسات أو هيئات خدمية، بجانب التكلفة المالية الباهظة التى تتكبدها الخزانة العامة للدولة، ونسأل هل هناك رقابة حكومية سواء من وزير التنمية المحلية أو المحافظين لعملية تكسير بلاط الأرصفة وإعادة تركيبها ثم تكسيرها فى متوالية حسابية لا تنتهى؟!
ناهيك عن تعنت رئيس الحى مع أصحاب محلات البورصة، التى كانت فيما سبق «مقاهى» يرتادها الشباب من كل حدب وصوب، ورغم قرار إغلاق المقاهى، فإن أصحاب المحلات لم يمانعوا وتوسلوا لسعادة رئيس الحى وموظفيه، تغيير نشاط محلاتهم، إلى أى نشاط تجارى آخر، بديلا عن المقهى، مع أخذ كل التعهدات المكتوبة والموثقة بتغيير النشاط، لكن رئيس الحى وموظفيه، لم تهز توسلات أصحاب المحلات، شعرة واحدة من شعورهم!!
أحياء المهندسين والدقى والعجوزة والأزبكية وعابدين، ما هى إلا عينات، شاهدة وصارخة بالحالة المتدهورة التى وصلت لها المحليات، وما يفعله رؤساء الأحياء وموظفوهم من تنكيل للعباد، وخروقات للقانون لا حصر لها، واذهبوا لأحياء المرج والخصوص والمطرية وعين شمس والزاوية الحمراء والوايلى، وبولاق الدكرور وأرض اللواء وفيصل وإمبابة، وغيرها من الأحياء التى تحولت إلى مناطق عشوائية تُرتكب فيها كل الموبقات الإدارية والإنسانية.
وإذا خرجت من منطقة القاهرة الكبرى إلى محافظات الصعيد والوجه البحرى، فحدث ولا حرج، فهى خارجة عن السيطرة، ولا صوت فيها يعلو فوق صوت المخالفات الكارثية..!!
ناهيك عن إمبراطورية «التوك توك» التى تتضخم وتتوغل ويزداد نفوذها كل ساعة، ترتكب من الجرائم الجنائية والاجتماعية، الكثير، علاوة على انتهاك حرمات الشوارع، بالتكدس، والسير عكس الاتجاه، ولا حسيب ولا رقيب..!!
يا سادة، لابد من إدراك حقيقة واضحة وضوح الشمس فى كبد السماء، وهى، أن مصر لن تصبح دولة مزدهرة وعصرية، ما لم يتم تطهير وتسريح المحليات التى صارت ألغاما فتاكة، تقتل كل الخطط والأمال والطموحات للنهوض بالبلاد!
ولَك الله ثم جيش قوى وشعب صبور يا مصر..!!!