فى زمن الخط الساخن والبارد والطالع والنازل، يمكن للمواطن أن يحصل على كلام حلو من خدمة العملاء، يستقبلوه بأى خدمة وأنه «على عين الشركة ورأسها»، وفى النهاية لا يحصل المواطن إلا على الكلام المعسول والوعود، ثم يظل العطل قائما والمشكلة مستمرة بنجاح باهر.
الواقع، الحكومة لا تتوقف عن اختراع خطوط ساخنة للشكاوى وحماية المستهلك، والإبلاغ عن الأعطال وعن بلطجة السياس فى الشوارع، والإبلاغ عن القمامة، وكل هذه الخطوط الساخنة التى نسمع عنها فى الإعلانات وتعمل فقط أمام الكاميرات سرعان ما تلحق بغيرها من خطوط ساخنة وكاروهات.
ولكل منا شكوى موسمية من انقطاع التليفون أو الإنترنت، ويتصل ليسجل شكوى ويحصل على رقم مع وعد بالإصلاح، ولا يتم الإصلاح، يعاود المواطن الاتصال فيرد عليه أحد موظفى خدمة العملاء بكل أدب جم وتعاون، ويعيد الأسئلة فيجيب المواطن، ويرد المندوب أنه جارى العمل وأنه فى الخدمة.
الخلاصة أن المواطن يظل يعانى وخدمة العملاء تطيب خاطره، وتقدم له وعودا من دون تنفيذ، وهنا نتذكر القصة النكتة عن المبنى الفاخر ذى الأدوار الخمسة المكيفة، التى يفترض أنه تم الإعلان عن أنها تبيع فراخ جيدة بأسعار وجودة مناسبة، وبعد أن يذهب المواطن يستقبله مسؤولون يرحبون به ويحولوه إلى الدور الأعلى، وفى النهاية يكتشف أن المبنى الفخم ليس فيه أى حاجة، ويخبره المسؤول: «مافيش فراخ بس إيه رأيك فى السيستم».
شخصيا أنا وغيرى لدينا قصة متكررة مع «وى» مرحبا بك فى «وى»، وتبدأ رحلة التوجيه ومع طلب الضغط على الأرقام، تنتهى باستطلاع رأى عن مدى الرضا عن طريق الإجابة عن الأسئلة، ولا يوجد سؤال عن مدى الرضا عن إصلاح العطل الذى يبقى مستمرا، لهذا كلما سمعنا عن منظومة «السيستم» تلعب الفئران، ولدى حكاية مع السيستم من أيام وزارة الاتصالات، ثم «تى إى داتا» وأخيرا «وى».
تنقطع حرارة التليفون دوريا وإيمانا بالـ«سيستم»، اتصلت بالرقم المخصص للشكاوى، أكثر من عشر مرات وبعد الضغط على أرقام تقود إلى أرقام، وتسجيل البيانات، و«لضمان مستوى الخدمة جميع المكالمات قد تكون مسجلة ومراقبة»، وتمر الأيام وتتكرر الشكوى ويتكرر الرد، مع ما تيسر من إعلانات عن الإنجازات من دون إصلاح العطل، ونضطر للقفز على كل هذه الهيصة، لنتصل بأحد المسؤولين الذى يتدخل مشكورا، ليحل المشكلة قبل أن تعود بنفس الشكل والمضمون، المهم السيستم والخط، وتجيب على استطلاع رأى حول مدى الرضا، مع الآخذ فى الاعتبار أن المستهلك يدفع ثمن كل هذا السيستم، الذى لا يحل ولا يربط، وعلى المواطن أن يقضى نصف عمره أمام الخط الساخن من دون أن يحصل على حل حقيقى.
القصة وما فيها أن الاهتمام بالشكل أهم من التركيز على المضمون، ولا نعرف كيف يمكن للمواطن أن يشعر بالرضا والمشكلة مستمرة، ولا أحد يهتم بحماية المستهلك من شركات تهتم فقط بتحصيل المال دون أن تقدم أمامه خدمة محترمة.. وسلم لى «على السيستم».