فى واحدة من أجمل قصائده، يقول الشاعر المبدع جمال بخيت: «دين أبونا يا مسلمين فى يقينى، أعز دين، كلمة الحق المبين، كلمة النور الأمين، حكمة يكتبها الإله فوق جبين الطيبين، دين أبونا يا محمد، إنت سره ومبتداه، إنت إحساسه ومداه، دقة عارفينها ف قلوبنا لما نخشع للإله، لما نطلب يوم رضاه، لما نركع.. لما نسجد.. لما نفرح بالحياه».
وفى مقطع آخر يقول: «اللى أنا بأه ما اعرفوش.. الوحوش.. الكروش، اللى لو طالوا رقابينا بينهشوا مابيرحموش.. دين أبوهم.. اسمه إيه؟! اللى داسوا فوق رءوسنا بالبيادة اللى مشيوا بالبلاد للبلادة، اللى فتاويهم فساد للعقل يقضى على العبادة، اللى مسحوا من الآيات معنى الشهادة.. لوثوا الدم ف عروقنا.. سدوا عين الشمس فوقنا.. سرقوا ضوءنا..صادروا نيلنا.. ودفّعونا تمن وضوئنا.. دين أبوهم اسمه إيه؟!»
تذكرت هذه القصيدة الرائعة، وأنا أقرا فى غيظ واشمئزاز فتاوى جماعات الظلام والتخلف التى تعبر عن كراهية شديدة للحياة ولمخلوقات الله وتعكس طريقة تفكيرهم- إذا كان فى رؤوسهم عقل- فى تعكير حياة الناس وتلوينها باللون الأسود لون وجوههم البائسة، وتحريم كل شىء وقتل كل بهجة من مباهج الحياة، ومن السنن الحميدة، التى قال فيها الرسول الكريم: «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيام».. هؤلاء أعداء الحياة الذين لا يعترفون بأحاديث الرسول «ص» يحرمون كل عيد يحتفل به المصريون حتى لو كان عيد الأم، فقد خرج علينا من جحور التخلف والبؤس من يزعم أنه داعية اسمه أبويحيى الحوينى، وله حق الفتوى ويرث حق الإفتاء من أبوه المسمى أبوإسحاق الحوينى، فالفتوى عند هؤلاء وراثة واحتكار، ما دامت الدولة والجهات الشرعية الرسمية تترك هؤلاء يعيثون بين الناس بمثل هذه الفتاوى الشاذة والغريبة عن الثقافة الإسلامية للشعب المصرى المحب للحياة والمبدع فى ابتكار أعياد للفرحة والبهجة والسعادة، التى هى أساس الأديان، وليس للكآبة والحزن والتحريم.
المدعو أبويحيى الحوينى أفتى بعدم جواز الاحتفال بعيد الأم، باعتباره بدعة لا يجوز الاحتفال بها، وقال فى فتوى له نشرها عبر صفحته الرسمية على «فيس بوك»: «إن كل الأعياد التى تخالف الأعياد الشرعية، كلها أعياد بدعٍ حادثة لم تكن معروفة فى عهد السلف الصالح، وربما يكون منشؤها من غير المسلمين أيضاً، فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله سبحانه وتعالى».
لا أعرف «دين أبوه إيه»- على رأى جمال بخيت- وهل يعرف هؤلاء الرسول حق المعرفة، ألم يحتفل الرسول بعاشوراء وهو عيد يهودى، وقال: «نحن أولى بموسى من اليهود».
كيف يترك هؤلاء يطلقون فتواهم الغريبة على الناس دون تدخل من الدولة ودون ردع من الأزهر الشريف، ودار الإفتاء المؤسسة الوحيدة المعنية بالفتوى فى مصر، لماذا يترك هؤلاء لتحريم أعياد المصريين وعاداتهم وتقاليدهم التى لم يقترب منها المسلمون الفاتحون فى عهد عمرو بن العاص.
حرموا تهنئة المسلمين للمسيحيين فى الأعياد القبطية المصرية، وحرموا الاحتفال بشم النسيم وعيد الأم والتماثيل الفنية، ثم أخيرا تحريم الصور على الجدران، فقد أفتى مفتى الجماعة الإسلامية، بتحريم تعليق الصور الفوتوغرافية على الحوائط، وأنه يجب أن تكون الصور للضرورة فقط، لأن الصور فى خياله وتصوره المريض تمنع دخول الملائكة.
وحقيقة لا نعرف جنسية هؤلاء، ومن أين جاءوا بهذه الفتاوى، وهل مسلمون حقا، ونريد منهم أن يقولوا لنا «دين أبوهم إيه»...!