عقب انتصار حرب أكتوبر المجيدة مباشرة أطلق الرئيس الراحل محمد أنور السادات، التحضير للاستفتاء الذى عرف بورقة الإصلاح السياسى باعتبارها أول محاولة لإعادة الحياة السياسية لجمهورية مصر العربية منذ ثورة 23 يوليو 1952، بعد تجميد جميع الأحزاب ووقف أى نشاط سياسى لها.
ورقة الإصلاح السياسى التى تم طرحها على الشعب المصرى فى منتصف السبعينيات حصلت على تصويت بالموافقة كبير، وبدأ بعدها تأسيس المنابر السياسية اليسار واليمين والوسط، وذلك الوسط الذى تحول فيما بعد للحزب الوطنى الديمقراطى واختار الرئيس الراحل محمد أنور السادات أن يكون هو مسئول هذا المنبر حتى تحول الى الحزب الوطنى الديمقراطى.
وبعد سنوات قليلة أصبح الحزب الوطنى الديمقراطى هو الحزب الحاكم والمسيطر على الحكم وصاحب الأغلبية فى أصوات غرفتى البرلمان "الشعب والشورى" وفى الانتخابات المحلية، توغل الحزب حتى سيطر على انتخابات الأندية الرياضية والنقابات العمالية.
الحزب الوطنى الديمقراطى تحول بعد عدة عقود إلى دولة بكل ما بها من طوائف وانفصلت قاعدته عن قادته بعد أن تمت السيطرة عليه من المجموعة التى عرفت بحكومة رجال الأعمال وما نتج عن ذلك من تزاوج ما بين رأس المال بالسلطة، وبدأت أزمات سياسية واقتصادية تتراكم بسبب عدم عدالة التوزيع الثروة وعواد معدلات النمو التى كانت من أكبر معدلات النمو وقتها، على الرغم من وجود بعض من النخب المتميزة بين أرجائه.
ما بدأه الرئيس السادات بهدف الإصلاح السياسى لم ينتهى إلى الإصلاح لكن إلى باب جديد من أبواب ضرب العدالة الاجتماعية وعدم التوزيع العادل ليس للدخول فقط لكن للمرافق والخدمات أيضا.
فالمواطن لا يستطيع أن يمارس حقوقه السياسية دون أن يكون حصل قبلها على حقوقه الاقتصادية والاجتماعية، أولا حتى لا يتلاعب السياسيين بالمواطن ليكون حصوله على الحقوق السياسية مقابل الحصول على الخدمات والمرافق، أو يتم مساومة المواطن على صوته الانتخابى، أى طريقة كانت.
كان على الرئيس السادات أن يعلن البدء فى الإصلاحات الاقتصادية قبل الإصلاحات السياسية، فالدولة المصرية تنمويا دولة ضخمة وتواجه تحدى كبير، والجهل والفقر أمر كفيل بأن يقضى على حضارات كاملة، فكلما زادت نسبة التعلم والتشغيل قلت الأمراض المعدية والأمراض الاجتماعية.
أتمنى أن يعى المواطن الآن الدرس وأن يكون على قدر المسئولية وأن يكون شريكا فى عملية الإصلاح الاقتصادى، وأن يكون حريص على حقوقه الاقتصادية والاجتماعية.
نصر أكتوبر المجيد كان الهدف منه السلام لنعود مرة أخرى للبناء للتنمية، خاصة فى ضوء ارتفاع معدلات النمو السكانى والتى لا تزال أكبر من إمكانياتنا، ليس فقط على مستوى توفير فرص العمل لكن على مستوى توفير الخدمات الصحية والتعليمية.
نصر أكتوبر كان نصرا من الله لنعود للبناء برأس مرفوعة وبعزة، لنعود لبناء وطننا دون مرارات الحرب والهزيمة.
نرجو من الله أن ينصرنا فى معركتنا الحالية للإصلاح والتنمية ومواجهة بذور الشر التى زرعت فى أرضنا وفى عقول بعض شبابنا فى السنوات الماضية، فالمعركة الآن ثقافية واجتماعية واقتصادية، وما تعطلنا فيه من بناء وتنمية عقب الانتصار مباشرة، نحتاج لتعويضه الآن، لذلك المجهود مضاعف والضغوط أكبر، ولكن الأيمان بالنصر فى صفنا لأننا على يقين أننا نخوض المعركة الى جانب الحق، الحق فى أن نعيش أفضل.